[size=16]لما أراد أمير المؤمنين عليه السلام غسل الرسول صلى الله عليه وآله استدعى الفضل ابن العباس فأمره أن يناوله الماء لغسله بعد أن عصب عينه ، ثم شق قميصه من قبل حبيبه حتى بلغ به إلى سرته ، وتولى غسله وتحنيطه وتكفينه . والفضل يعاطيه الماء ، ويعينه عليه ، فلما فرغ من غسله وتجهيزه تقدم فصلى عليه وحده ولم يشركه معه أحد في الصلاة عليه ، وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه ، وأين يدفن ، فخرج إليهم أمير المؤمنين عليه السلام وقال لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وآله إمامنا حيا وميتا ، فيدخل عليه فوج بعد فوج منكم فيصلون عليه بغير إمام وينصرفون ، وإن الله تعالى لم يقبض نبيا في مكان إلا وقد ارتضاه لرمسه فيه ، وإني لدافنه في حجرته التي قبض فيها ، فسلم القوم لذلك ورضوا به ولما صلى المسلمون عليه أنفذ العباس بن عبدالمطلب برجل إلى أبي عبيدة بن الجراح ، وكان يحفر لاهل مكة ويضرح ، وكان ذلك عادة أهل مكة ، وأنفذ إلى زيد بن سهل وكان يحفر لاهل المدينة ويلحد فاستدعاهما ، وقال : اللهم خر لنبيك ، فوجد أبوطلحة زيد بن سهل وقيل له : احفر لرسول الله صلى الله عليه وآله فحفر له لحدا ، ودخل أمير المؤمنين عليه السلام والعباس بن عبدالمطلب والفضل بن العباس واسامة بن زيد ليتولوا دفن رسول الله صلى الله عليه وآله فنادت الانصار من وراء البيت : يا علي إنا نذكرك الله وحقنا اليوم من رسول الله صلى الله عليه وآله أن يذهب أدخل منا رجلا يكون لنا به حظ من مواراة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال : ليدخل أوس بن خولي ، و كان بدريا فاضلا من بني عوف من الخزرج ، فلما دخل قال له علي عليه السلام : انزل القبر ، فنزل ووضع أمير المؤمنين رسول الله عليهما السلام على يديه ودلاه في حفرته ، فلما حصل في الارض قال له : اخرج ، فخرج ، ونزل علي القبر فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ووضع خده على الارض موجها إلى القبلة على يمينه ، ثم وضع عليه اللبن وأهال عليه التراب ، وكان ذلك في يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر من هجرته صلى الله عليه وآله ، وهو ابن ثلاث وستين سنة ، ولم يحضر دفن رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والانصار من التشاجر في أمر الخلافة ، وفات أكثرهم الصلاة عليه لذلك ، وأصبحت فاطمة عليها السلام تنادي : واسوء صباحاه ، فسمعها أبوبكر فقال لها : إن صباحك لصباح سوء . واغتنم القوم الفرصة لشغل علي بن أبي طالب عليه السلام برسول الله صلى الله عليه وآله و انقطاع بني هاشم عنهم بمصابهم برسول الله صلى الله عليه وآله فتبادروا إلى ولاية الامر ، واتفق لابي بكر ما اتفق ، لاختلاف الانصار فيما بينهم ، وكراهية الطلقاء والمؤلفة قلوبهم من تأخر الامر حتى يفرغ بنو هاشم فيستقر الامر مقره فبايعوا أبا بكر لحضوره المكان .
[/size]