روي أن النبي(صلى الله عليه وآله) سأل رجلاً قائلاً: (كيف أصبحت؟ فقال: بخير، فأعاد(صلى الله عليه وآله)، فأعاد الرجل الجواب، فأعاد(صلى الله عليه وآله) السؤال، فقال الرجل: بخير أحمد الله وأشكره، فقال(صلى الله عليه وآله): (هذا الذي أردت منك).
فما معنى الشكر؟
الشكر فضيلة جميلة توجب كمال إنسانية الإنسان، وهو عرفان النعمة وإظهارها والثناء بها، وأن يعرف الإنسان أن النعم كلها من الله وأنه هو مسبب أسبابها.
كيف يشكر العبد ربه؟ وبأي شيء يكون الشكر؟
الشكر على ثلاثة أنواع:
- الشكر باللسان: بأن يتلفظ الإنسان بألفاظ الشكر(الشكر لله، أو أشكر الله) أو ما أشبه، بل كل حمد ومدح له سبحانه فهو داخل في إطار الشكر وإن لم يكن بلفظ الشكر.
- الشكر بالقلب: بأن يعرف الإنسان بقلبه أن النعم منه سبحانه، وينوي له شكراً ومدحاً، ويخضع قلباً أمام منعمه والمتفضل عليه.
- الشكر بالجوارح: بأن يأتي الإنسان بما يليق بالمنعم، من الطاعة والاجتناب عن المعصية، ولذا قال سبحانه:
(اعملوا آل داود شكراً) أي ائتوا بالعمل الذي هو شكر.
وبهذا الشكر يزداد الإنسان قرباً إلى معطي النعم فلا يفرح بالدنيا وما فيها لأن عطايا هذا الخالق الكريم أعظم وأعظم، قال تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم) وقال تعالى: (من شكر فإنما يشكر لنفسه).
هل من الصحيح أنه من اللازم أن نشكر الله على البلاء والبؤس كما نشكره على فضله ونعمه؟
نعم، فإن الله تعالى لا يفعل بعبده إلاّ خيراً، سواء أكان نعمة أم نقمة بحسب الظاهر، (قل كلّ من عند الله)، والنقمة في المؤمن أما تأديب أو تخفيف ذنب أو رفع درجة، فأي الثلاثة لا يستحق شكراً؟
كيف يمكن للعبد أن يكون شاكراً وما هي حدود الشكر؟
قال الإمام الصادق(عليه السلام) : ( يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال، وإن كان فيما أنعم الله عليه في ماله حق أدّاه).
ومن الجدير بالإنسان أن يعوّد نفسه على حمد الله تعالى(الحمد لله)، بل يكون دائماً لذكر الله عزّ وجل في كل مناسبة نحو: (إن شاء الله) و(عافاك الله) و(أصلحك الله) وما أشبه.
حين تتلقى من أحد مساعدة أو اهتماما تجد نفسك تقوم بشكره والثناء عليه تلقائيا , وتبذل له ما في وسعك من امتنان , وهكذا يكون رد الجميل . بل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال : ( اشكر المنعم عليك , وأنعم على الشاكر لك تستوجب من ربك الزيادة ومن أخيك المناصحة )
وقال أحد الحكماء : ( الشكر ثلاث منازل , ضمير القلب , ونشر اللسان , ومكافأة اليد . )
إن الشكر داعية الزيادة كما أنه يخلق التواصل بين الأفراد , ويعرف الشخص المشكور أنه أجاد عمله وكسب قبول المتلقي .
وينبغي أن نعتاد الشكر مقرونا بالدعاء ليتولد لدى الناس الشعور بالارتياح , وحتى لو ترسخ لدينا مفهوم ( لا شكر على واجب ) فلا بد أن ندرك أن الذي لا يشكر الناس لا يشكر الله . فلماذا لا نشكر عامل النظافة في الشارع وفي الأماكن العامة والسائق والخادمة والخباز والنجار وإمام المسجد الملتزم بعمله , والمعلم الحريص على تلاميذه , والطبيب الساهر على راحة مرضاه, ورجال الأمن الذين يحرسون بلادنا ..
ومن الملاحظ أن الجيل الحالي اعتاد ان يأخذ دون أن يشكر , وعليه لا بد من تنمية ثقافة الشكر لدى المجتمع بجميع فئاته ,فقد اعتدنا أن نأخذ دون أن نشكر , وأن نعطي دون أن نلتمس امتنان الآخرين . وهذا خلل سلوكي يحتاج لعلاج .
لذا نطالب الآباء والمربين أن يعودو أولادهم حمد الله على كل نعمة أو ابتلاء , ويربوهم على شكر والديهم ومعلميهم وكل صاحب فضل عليهم .
ان الشكر يضفي على صاحبه صفات جميلة ورائعة ,ولن يأتي ذلك دون تربية وتعليم لنصل الى الأروع وهي ثقافة الشكر , فحين تتوفر لديك ثقافة الشكر ترضى بما قسم الله لك من رزق , وتتلاشى عوامل الغرور والكبرياء, وتنقشع غمامة الحزن عن سماء حياتك ,حين تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما حصل لك من خير هو من فضل الله ... حينئذ تصبح بالشكر عابدا متعبدا ...وبالحمد ممسكا متمسكا ... وبنفسك سعيدا راضيا ...
_________________