بسم الله الرحمن الرحيم مكتب المرجع الديني سماحة آية الله الشيخ جواد الخالصي(دام ظله) في النجف الأشرف
البيان رقم: 38 م ن
تاريخ: 20 / 2 / 2014
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسالة إلى السيد مقتدى الصدر والشعب العراقي الأبي...
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على عبده المصطفى خيرة المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين، واصحابه المنتجبين وبعد:
يقول ربُّنا عز وجل: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً) سورة النساء(61).
وقال سبحانه: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) سورة المائدة(47).
وقال سبحانه: (فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) سورة المائدة(44) .
وقال سبحانه: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) المائدة(45).
وقال سبحانه: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) سورة المائدة (47).
لقد دفع شعبنا العظيم كماً هائلاً من دِماءِ فلذات أكباده، من أبنائه البررة، ولم يتخلف عن
قوافل الشهداء حتى علماؤنا ومراجعُنا الكرام، كلُ ذلك لمرضاة الله لتحقيق كرامة الأمة
وسيادتها بتحكيم شرع الله وإقامة دولة كريمة يعز بها الإسلام وأهله ويذل بها النفاق
وأهله ، صيانة لحقوق العباد والدماء المعصومة والأموال والأعراض، ولكن وللأسف
الشديد انتهى بنا المطاف أن يُكتب دستورنا بعيداً عن كتاب الله وسنة نبيه وشريعته
السمحاء، وبإملاء الصهيوني الحاقد بريمر، ومسؤولية أناس من المفروض أنهم جاؤوا من خلفيات إسلاميّة،
(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) سورة محمد(9)،
فكان كتاب الله لا يُغني عن نظام علماني مسخ استوردوه من وراء البحار بإسم
الديمقراطية الأمريكية، فجاء الدستور مسخاً مشوهاً مليئاً بالألغام والتناقضات والمفارقات
التي تؤدي نهاياتها الحتمية إلى المحاصصة الفئويّة والنزاعات الطائفيّة والقوميّة، تمهيداً
لتفتيت العراق إلى دويلات لا وسيلة لعيشها الا الإحتراب و غزو بعضها لبعض كالعهد
الجاهلي البغيض، وهو ما أعترف به كل الساسة، فضاعت الحقوق، وهُدرت الدماء،
ونُهبت الأموال وعمَّ الظلم والفساد كل دوائر الدولة ومرافقها.
وقد نبه سماحة المرجع الديني آية الله الشيخ جواد الخالصي (دام ظله الشريف)
إلى هذه النتيجة الحتمية منذ البداية، ودعا لإصلاح هذا الدستور البائس، وقيام جمعية
تأسيسية وطنية وبإشراف المرجعيات الدينية، تأخذ على عاتقها كتابة دستور عراقي
مستمد من القرآن الكريم ينسجم وتطلعات أبناء شعبنا، وقيمه الدينية، لذلك سماحته(دام
ظله الشريف)
لم يشارك في هذه العملية السياسية البائسة.
واليوم وبعد إعلان سماحة السيد مقتدى الصدر (أعزه الله) اعتزاله العملية السياسية التي
أقحموه فيها ـ
كما صرح هو في أكثر من موقف ـ لعدم قناعته بها، فإن سماحة المرجع الديني آية الله
الشيخ جواد الخالصي (دام ظله الشريف) يُحيي هذا الموقف النبيل الشجاع من سماحة
السيد مُقتدى الصدر (أعزه الله)، وهذا لا يعني أنه يؤيد اعتزال السيد الصدر، وعدم تدخله
لتقويم الأخطاء التي صاحبت التلوث بالعملية السياسية وتصحيح السلوكيات التي أضرت
بالشعب وأنعكست سلباً على سمعة الصدريين نتيجة لتصرفات الإنتهازيين من الغوغاء
والمتاجرين بالسياسة ممن توحلوا في العملية السياسية ان التكليف الشرعي لا يعفي أي
مسلم من أن يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالوقوف في وجه الباطل
والتصدي للظلم والفساد، لاسيما ومن في موضع القيادة ومن تمت الإنحرافات والمظالم
بإسمه. وختما نذكر أن لا حل لما يمرُّ به العراق وشعبه المُبتلى إلا بالرجوع إلى الله،
وتحكيم كتابه العزيز، وشرعه المُقدّس، بعيداً عن الخضوع لأمريكا، وخططها ودسائسها
الخبيثة، ولننبذ هذا الدستور الملغوم الفارغ من كل قيم الإسلام والموضوع عمداً
ومع سبق الإصرار لخدمة العملية السياسية الأمريكية الصهيونية الهادفة
اصلاً لقيام وضع فاسد من جميع النواحي، ومناقض لمصالح الشعب والوطن.
فيا حوزتنا الشريفة، ويا علماءنا الأعلام، ويا عشائرنا الغيورة، ويا شعبنا الأبي
المهضوم، تعالوا إلى ما أنزل الله، وأستجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم،
فسفينة العراق مُهددة بالغرق، ما لم نقف وقفة رجل واحد مُتكلين
على إيماننا بالله فانه ناصرنا ولن يُضيع أجر المُحسنين،
وكونوا على ثقة بنصره العزيز ولنبدأ بأنفسنا
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ...) سورة الرعد (11).
صدق الله العلي العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإدارة
20 ربيع الثاني 1435هـ
والله ولي التوفيق