=AZUADOJyEPfVmgBQRqO8_DFn5qT_3sUrxO7qfYBh3xybOLm6HrSTgppF6E0FduZkicTq7qeTDlA5MIHFB2zUpSO2luMo3K7y_in50sUBPRAz6sDGoRFeso_moStXXciRE-c&__tn__=-]C%2CP-R]احمد الزركاني مع =AZUADOJyEPfVmgBQRqO8_DFn5qT_3sUrxO7qfYBh3xybOLm6HrSTgppF6E0FduZkicTq7qeTDlA5MIHFB2zUpSO2luMo3K7y_in50sUBPRAz6sDGoRFeso_moStXXciRE-c&__tn__=-]C%2CP-R]د. هادي حسن عليوي
=AZUADOJyEPfVmgBQRqO8_DFn5qT_3sUrxO7qfYBh3xybOLm6HrSTgppF6E0FduZkicTq7qeTDlA5MIHFB2zUpSO2luMo3K7y_in50sUBPRAz6sDGoRFeso_moStXXciRE-c&__tn__=%2CO%2CP-R]١٤ يوليو، الساعة ٥:٥١ م · نقلآ من الصفحة الشخصية لل =AZUADOJyEPfVmgBQRqO8_DFn5qT_3sUrxO7qfYBh3xybOLm6HrSTgppF6E0FduZkicTq7qeTDlA5MIHFB2zUpSO2luMo3K7y_in50sUBPRAz6sDGoRFeso_moStXXciRE-c&__tn__=-]K-R]د. هادي حسن عليوي
عبد الكريم قاسم.. ما له.. وما عليه
د . هادي حسن عليوي
ـ متواضع.. كتوم.. بسيط.. من عائلة فقيرة.. اشتغل والده عامل نجارة من اجل لقمة العيش.
ـ من عائلة نزيهة كغالبية العراقيين في خمسينيات القرن الماضي.. الذين يهمهم الشرف.. والغيرة.. والعيش الحلال.
ـ لم يبرز عبد الكريم قاسم في دراسته.. فما ان أكمل الثانوية الفرع الادبي حتى عين معلماً في قضاء الشامية.. التابع للواء الديوانية.
ـ لم تكن لديه طموحات كبيرة.. فما ان تعرف على معلمة في الشامية طلب الزواج منها.. لكنها رفضته.. فكانت ترغب بالزواج من ضابط.
ـ جاءته الفرصة فتقدم الى الكلية العسكرية.. ويبدو ان رفض هذه الفتاة كان سبباً في التحاقه بالكلية العسكرية.
ـ كان عسكريا اميناً.. لكن ذلك لم يمنع من ان صديقه (عبد السلام عارف).. غش في امتحان الاركان.. فبدل ان يقطع علاقته استمر بصداقته.
ـ بل اكثر منذ ذلك فهو الذي شاركه بالقيام بالانقلاب على النظام الملكي.
السيرة والتكوين:
ـ ولد عبد الكريم قاسم العام 1914.. بمحلة المهدية بجانب الرصافة ببغداد.
ـ درس الابتدائية بمدينة الصويرة جنوب بغداد العام 1921.. أكمل الابتدائية فيما بعد ببغداد.
ـ تخرج من المدرسة الثانوية المركزية (الفرع الأدبي) العام 1931.. عين معلماً في قضاء الشامية التابع للواء الديوانية.
ـ التحق بالكلية العسكرية العام 1932 وتخرج منها العام 1934.. برتبة ملازم ثان ونسبَ في كتيبة للمشاة العام 1935.
ـ العام 1940 اشترك في قمع تمرد العشائر بمنطقة الفرات الأوسط.
ـ العام 1941 تخرج من كلية الأركان العسكرية.
ـ العام 1945 ساهم في حرب البارزاني شمال العراق.
ـ العام 1950 التحق بدورة عسكرية في بريطانيا.. لمدة شهرين.
ـ العام 1955أوفد لتركيا ضمن البعثة العسكرية لحضور مناورات الجيش التركي.. وقد أعجب قاسم بإنجازات أتاتورك.
ـ العام 1955 أصبح برتبة زعيم ركن (عميد ركن).. وعين آمرًا للواء المشاة التاسع عشر بمنطقة جلولاء.
ـ رفع لرتبة لواء ركن في ٦ كانون الثاني 1959.. ورفع لرتبة فريق ركن في ٦ كانون الثاني 1963.
علاقة قاسم بنوري السعيد:
ـ ترجع علاقة نوري السعيد بعبد الكريم قاسم الى أوائل الخمسينيات.. من خلال صديقه عبد الرزاق الجدة "مرافق نوري السعيد".. وكان نوري السعيد صديقاً لعائلة الجدة.. ومن حظ عبد الكريم أن أخباره تصل لنوري وزير الدفاع عن طريق آل الجدة.
ـ كانت المعلومات أن عبد الكريم كفوء ونزيه.. وفي التقارير التي وردت عنه خلال الحركات والحروب التي ساهم فيها.. أجمعت على أنه ضابط ركن خلوق جداً.. وكريم النفس.. شهم.. مخلص لآمره.. ودقيق في أعماله.. وثقافته العامة جيدة جداً.. وسيكون في المستقبل من ضباط الجيش القديرين.
ـ لكن تلك العلاقة "بين عبد الكريم قاسم ونوري السعيد" كانت علاقة غامضة.. يشوبها الكثير من الأسرار والتساؤلات والغموض.. ولم تستطع الأيام كشف هذه العلاقة وخباياها.. خاصة إن لنوري السعيد أسلوبه الغامض في تصريف السياسة والعلاقة مع الآخرين.
محطات يستوجب الوقوف أمام هذه العلاقة:
1ـ كان قاسم معروفاً بين الضباط انه من جماعة نوري السعيد ومحسوباً عليه.. وكان نوري السعيد يحبه ويثق به الى أبعد الحدود.. وكان يسميه باسم الدلال (كرومي).
2ـ عندما رفض رفيق عارف رئيس أركان الجيش الموافقة على تعين عبد الكريم قاسم آمراً للواء المشاة / 19.. ذهب قاسم لنوري السعيد يخبره بذلك الأمر.. فاصدر السعيد أمراً بتعيينه في منصب آمر للواء ذاته في 13/12/1953 متجاوزاً رئيس أركان الجيش.
3ـ كان رفيق عارف يتابع قاسم ونشاطه لشكه في ميوله الشيوعية.. ولأنه محسوباً على نوري باشا.. فقد ابلغ رفيق عارف شكوكه هذه الى الباشا السعيد.. وأرسل الباشا في طلب قاسم واخبره بها.. قال قاسم إن رفيق عارف يتقصده ويكرهه.. لأنني محسوباً عليك باشا.
ـ لكن السؤال الملح: هل كلام قاسم مثل هذا ينطلي على نوري السعيد ؟المخضرم بالسياسة العراقية لأكثر من ثمانٍ وعشرين عاماً.. وأن يأخذ الكلام دون تدقيق من مصادره الخاصة؟!.. لكن ما هو السر في ذلك ؟؟؟؟؟
4ـ في زيارة قام بها الباشا نوري السعيد الى قاعدة ( H3 ).. عندما كان قاسم آمراً للقوة الموجودة فيها.. طرح بعض الضباط الوطنيين امكانية القيام باغتيال نوري السعيد إثناء زيارته.. لكن قاسم وقف موقفا معارضاً.. بل ومشدداً على استقبال الباشا بأحسن استقبال.. وزين المعسكر والهتافات والأهازيج والاحترام المبالغ به.. وقال لهم بالنص: "استقبلوا الباشا بالسرور والترحاب والهتاف والهوسات".
5ـ بالرغم من معرفة قيادة تنظيم الضباط الأحرار بهذه العلاقة.. إلا إنه لم تطرح في اجتماعات التنظيم.. ولم تناقش أسبابها والفائدة أو الضرر منها ؟.. وكان بالإمكان الاستفادة منها في التخطيط والتنفيذ للثورة؟
6ـ كان نوري السعيد يحبه كثيراً.. ويعتبره من الضباط المخلصين.. وكان قاسم يتعامل مع السعيد بطريقة تنم عن حب كبير وإخلاص غير محدود.. هل هي طريقه لاستغلال السعيد للوصول الى مناصب عليا في السلطة؟.. أم إنها خطة ترسم لعودته إذا ما حصل شيء؟.. أم ماذا؟؟؟
7ـ يقول أخوه حامد قاسم "تفاجأنا بما حصل يوم 14 تموز 1958.. وورود اسم عبد الكريم.. ولم نكن مصدقين.. لأنه كان يحب نوري باشا كثيراً.. وعندما كنا نذكر الباشا بشيء من النقد كان يقول: "الباشا خوش رئيس وزراء.. وأي شخص يأتي في مكانه لا يمكن أن يكون بكفاءته"..!
8ـ إثناء محاكمة عبد السلام محمد عارف في المحكمة العسكرية العليا الخاصة (محكمة الشعب) العام 1959 قال عارف: "لقد كانت خطة مدبره بيني وبين الزعيم لستر فعاليات الحركة.. فيقال على الزعيم انه محسوبٌ على نوري السعيد.. ويقولون عني إني محسوبٌ على رفيق عارف.. وبذلك نتخلص من الجواسيس.. وقد نجحنا في ذلك".
9ـ لم يتخذ نوري السعيد أي اجراء عند غياب قاسم عن الدوام لفترة أكثر من تسعين يوماً حتى ولم يستفسر.. حيث وجد في لندن من قبل السفارة ألعراقية وظهر إنه كان يتعالج.. ثم قام نوري بإلغاء الغياب.
10ـ عندما نقلت جثة نوري السعيد عصر يوم 15 تموز 1958 من مكان مصرعه في منطقة البتاويين الى وزارة الدفاع.. تجمع كبار الضباط حول الجثة.. وفي مقدمتهم عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف.. وعندما شاهد عبد الكريم قاسم نوري السعيد ميتاً دمعت عينه.. (فهل دمعت حزناً).. أشكُ أنا في ذلك فقرار الضباط الاحرار.. كان: (قتل الكبار الثلاثة.. أي عبد الاله.. والملك فيصل الثاني.. ونوري السعيد)!! لضمان نجاح اية ثورة!!
11ـ في مقابله.. بين عبد الكريم قاسم والشيخ عبد الستار الكبيسي الذي رفع عريضة يشكو فيها قطع نصف راتبه التقاعدي.. وكانت العريضة شديدة اللهجة.. حتى استدعاه قاسم الى مكتبه.. وقال له "لم يكن باقي أمامك إلا أن تسبني؟".. فرد عليه الشيخ الكبيسي "وهل تعتقد انه لا يوجد من يسبك؟.. وأضاف الكبيسي قائلاً: "إن هذه الأفعال لم تكن تحدث حتى في عهد نوري السعيد".. وهنا تنهد قاسم بحسرة.. وهو يضرب بكفه على المنضدة قائلاً "نوري سعيد رجل ما جابته جيابه".
اللقاء الأول.. بين قاسم والسعيد:
ـ جاء لقاء قاسم الأول لنوري السعيد على خلفية انعقاد اجتماع لمجموعة من الضباط الأحرار في مشتمل صفاء العارف في الكاظمية.. قبل العدوان الثلاثي على مصر العام 1956.. وقد اتصل بعبد الكريم قاسم احد أصدقائه العقيد الركن إسماعيل العارف ودعاه الى هذا الاجتماع للتداول في شؤون الثورة على الحكم الملكي وإنقاذ البلاد من محنتها فرفض عبد الكريم قاسم الاجتماع معهم.. عندما عرف أسماء المجتمعين.. إلا انه طلب من العقيد الركن إسماعيل العارف أن يجتمع بهم ويخبره بما يدار بينهم.
وقد تم الاجتماع.. وجرت فيه مناقشات ومباحثات.
وبعد إن انفض.. وصل خبر هذا الاجتماع الى مسامع نوري السعيد فأرعبه هذا الخبر الخطير.. فأمر بمراقبة إسماعيل العارف سكرتير رئيس أركان الجيش.. ومراقبة المشتمل الذي عقد فيه الاجتماع.
ـ اخذ بهجت العطية مدير الأمن أمر المراقبة على عاتقه.. وتوصل الى معلومات مهمة.. وهي أسماء الأشخاص الذين اجتمعوا في المشتمل.. وعددهم اثنا عشر ضابطاً.. ورفع أسماءهم بتقريرٍ الى نوري السعيد يتهم هؤلاء بالأفكار اليسارية.
ـ فاستفسر نوري السعيد من مرافقه يومها عبد الرزاق الجدة.. الذي نفى التهمة المذكورة عن هؤلاء الضباط.. لكن نوري لم يقتنع بذلك.. واتصل برفيق عارف رئيس أركان الجيش وأمره أن يستوضح من سكرتيره عن اجتماع الكاظمية وعن الضباط الذين حضروا الاجتماع.
ـ كما أمره أن يستدعي الزعيم الركن عبد الكريم قاسم من معسكر المنصور لمواجهته.. فقام رئيس أركان الجيش بما أمر باستدعاء عبد الكريم قاسم.. ولما قدم عبد الكريم الى بغداد أسرع عبد الكريم الجدة للقائه واخبره بما نوره به أخوه عبد الرزاق الجدة مرافق نوري السعيد.. الذي كان مطلعاً على تفاصيل الموضوع.
ـ كان هذا الموقف بالنسبة للزعيم عبد الكريم قاسم على غاية من الخطورة نظراً لكثرة الشبهات والوشايات التي قيلت في حقه.
ـ لكن لم يكترث قاسم بذلك ولم يبد عليه أي اهتمام.. وذهب الى رفيق عارف رئيس أركان الجيش.. فاستفسر منه رفيق عن أسباب صداقته الوثيقة بإسماعيل العارف.. وأشار عليه بلزوم ترك هذه الصداقة.. وطلب منه البقاء في بغداد ريثما يطلبه نوري السعيد.
ـ بعد ثلاثة أيام طلبه نوري السعيد وذهب الى مقابلته.. وصادف أن كان الشيخ علي الشرقي (الشاعر ووزير الدولة منذ العام 1954 ولغاية 1958).. موجوداً عند نوري السعيد.
ـ تكلم الشيخ على الشرقي الذي كان حاضراً هذا اللقاء فقال: كنتُ في زيارة لنوري السعيد في مكتبه في رئاسة الوزراء.. وبينما كنا نتجاذب أطراف الحديث دخل السكرتير على نوري السعيد واخبره بان الزعيم عبد الكريم قاسم موجود في غرفته.. فقال له ادخله وأدى التحية ووقف.. فأشار عليه نوري السعيد بالجلوس فجلس.
ـ فبادره نوري باشا إن الشيخ علي الشرقي من (عيال البيت).. فابتسم عبد الكريم قاسم لهذا القول.. فقال له نوري بعدك تريد اسمنت ما خلصت شغلك بالإسمنت.. فقال له: باشا أريد أن أبلط جميع شوارع المعسكر حتى إذا ما تفضلت علينا بزيارة الى معسكر المنصور لا يتطاير عليك الغبار والتراب.
ـ فابتسمً نوري السعيد لذلك القول.. وقال له: عبد الكريم إنني اسمع ها الأيام انك مرتبط بجماعة يشتغلون بالسياسة وتجتمع معهم وتريدون تسوون ثورة وتسقطون النظام.. فأجابه عبد الكريم قاسم بجد.. باشا هذه وشايات كاذبة ومحاولة لإبعاد المخلصين عنك وللتفريق بيننا.. وزرع بذور الشك.. لأنهم يعلمون إنني أتمتع بحمايتكم.. وحتى يستفيد الأعداء من تلك اللعبة بضرب النظام.. وإنني مخلص لكم وللملك والوطن.
ـ بعد هذا الكلام بدأت علامات الارتياح والسرور على محيا نوري السعيد.. ثم رفع سماعة الهاتف وكلم رئيس أركان الجيش وقال له: الزعيم عبد الكريم موجود عندي الآن وهو من الضباط المخلصين لنا.. بعد لا تسمع كلام فلان وعلان وخلي يروح للمنصورية.. ماكو داعي يبقى في بغداد.. وأغلق سماعة الهاتف.
ـ فرح عبد الكريم قاسم بعد أن انحنى على يد الباشا.
اللقاء الأخير بين نوري السعيد وعبد الكريم قاسم:
ـ أوائل العام 1958 عين نوري السعيد اللواء الركن عباس علي غالب مديراً لمديرية الشرطة العامة إعارة من الجيش لمدة سنتين.
ـ ينقل الدكتور كمال السامرائي عن صديقه اللواء الركن عباس علي غالب: "في حوالي منتصف شهر أيار 1958 كلمني رئيس الوزراء للاتحاد الهاشمي نوري السعيد.. وطلب مني أن أتحرى حركات بعض ضباط الجيش ومنهم عبد الكريم قاسم فقد بلغه (على حد قوله).. إن مجموعة من الضباط يخططون لانقلاب عسكري.. وأضاف نوري السعيد.. أنا استغرب أن يكون منهم عبد الكريم قاسم الذي حظي باهتمامي أكثر مما حظي مني أي ضابط آخر.. وختم السعيد كلامه وهو يقول بغضب: أريد أن أرى عبد الكريم قاسم بأسرع وقت".
ـ قال عباس علي غالب: اتصلتُ بالحال بعبد الكريم قاسم في المقدادية ليحضر الى دائرتي في بغداد.. وجاءني في اليوم التالي الى مديرية الشرطة العامة.. وبعد أن أدى التحية العسكرية لي.. طلبتُ منه أن يجلس قريباً مني.. فقلتُ له الباشا نوري السعيد ساخط عليك بتورطك في تحركات سرية ضد الدولة.. فاحذر يا كريم أن تتورط في مثل هذه الأمور.
ـ أجابني عبد الكريم: أنا يا سيدي لا يمكن أن أتآمر ضد الباشا.. وما سمعه عني محض افتراء ولا صحة له.. قلتُ له على كل حال الباشا يريد مقابلتك.. وتناول عباس علي غالب الهاتف وكلم نوري السعيد قائلاً: باشا عبد الكريم قاسم في دائرتي.. وقاطعني نوري السعيد قائلاً.. يجيني الآن.. وأغلقتُ الهاتف.. وتحولتُ نحو عبد الكريم قاسم.. وقلتُ له الباشا ينتظرك.. ثم قلتُ له... وَعدْ ألي بعد مقابلتك له.
ـ بعد ساعة دخل عبد الكريم قاسم غرفتي بمديرية الشرطة العامة.. وهو يبتسم.. ويقول الباشا واهم وغاضب عليَ دون سبب.. فلا أنا ولا احد في لوائي له الأفكار التي يتكلم عنها الباشا.
ـ قلت له: "كريم خبرني بتفاصيل المقابلة.. قال ما كدت ادخل غرفة الباشا حتى سألني.. وهو ينهض من كرسيه.. كريم أنا مقصر معاك!! ألم أبعثك الى لندن مرتين دون مبرر؟ وهل رفضتُ لك طلباً؟.
ـ وأردتُ أن أتكلم فأسكتني بحدة قائلاً: "اسمعني والله إذا قبضتُ عليكم فسأعلقكم واحداً واحداً على طول شارع الرشيد.. واجعل أهلكم يلبسون الأسود طول أعمارهم".
ـ فقلتُ له باشا "اسمح لي: فقاطعني بقوله: ولا كلمة.. تنكر!.. فقلتُ له: "نعم يا باشا إن كل ما سمعته عني ليس صحيحاً.. واستطرد نوري: "تقسم بالشرف العسكري" قلتُ له: "أقسم بالشرف العسكري أن لا صحة لما وصلكً عني.. فانا لا يمكن أن أخونك يا باشا".
ـ يكمل قاسم حديثه.. عندها تبدلت أسارير وجهه وهو يقول ليً: "اقتنعتُ.. في الأمان.. يالله.. وغادرتُ غرفته.. بعد أن لمست رضاه عني".
ـ بقي أن أقول: ستظل هذه العلاقة لغزاً محيراً بين قاسم وبين نوري السعيد.. التي استمرت لأكثر من عشر سنوات.
___________________
علاقته بتنظيم الضباط الأحرار:
ـ انضم لحركة الضباط الأحرار بعد حرب فلسطين 1948.. وبعد العودة من الحرب قام بتكوين تنظيم الضباط الأحرار في جلولاء.
ـ العام 1955تم توحيد خلية عبد الكريم قاسم بتنظيم الضباط الأحرار في بغداد.. وانتخب قاسم رئيسا للتنظيم لقدم رتبته العسكرية.. وفي الاجتماع الثاني أحضر العقيد عبد السلام عارف.
ـ وقال هذا ضمن تنظيم جلولاء ويعرف كل شيء.. تردد التنظيم في ضم عبد السلام بادئ الأمر لأسباب تتعلق بوصفه "بالمزاجية والتطلعات الفردية".
علاقته بعبد السلام عارف:
ـ تمتد علاقة الصداقة بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف العام 1938 حيث تقابلا لأول مرة بالكلية العسكرية.
ـ العام 1941 التقى عارف بقاسم في البصرة في إحدى القطعات العسكرية.. وأثناء اللقاءات التي كانت تجمعهما كانا يتداولان مواضيع الساعة من سوء الأوضاع التي يعيشها المواطن في العراق.
ـ العام 1947 التقيا بكركوك.. وجمعتهما الحياة العسكرية مرة أخرى في الحرب الفلسطينية 1948 حيث أرسل قاسم إلى مدينة كفر قاسم.. وأرسل عارف إلى مدينة جنين وهما على بعد 60 كم الواحدة عن الأخرى.
ـ فارق عارف صاحبه خمس سنوات.. التحق العام 1951 بالدورة التدريبية الخاصة بالقطعات العسكرية في ألمانيا.. ثم أصبح معلماً للطلبة - الضباط العراقيون المبتعثون للدورات التدريبية.. التي تقام في مدينة دوسلدورف الألمانية الغربية.
ـ العام 1956 نقل عارف إلى اللواء العشرين.. حيث انتمى إلى تنظيم الضباط الوطنيين.
ـ بعد ورود بعض المعلومات للقصر الملكي وللحكومة بأن تنظيماً سرياً قد تشكل هدفه إحداث تغيير في البلد قامت الحكومة بإصدار تعليماتها لقيادة الجيش بإحداث حركة تنقلات شمل بها قاسم وعارف.. الذين نقلا إلى المنصورية في محافظة ديالى.. حيث تم تنصيب قاسم آمراً للواء التاسع عشر وعارف آمراً للفوج الأول في اللواء العشرين.
الحركة العسكرية:
ـ كانت اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار قد قررت تحديد موعد القيام بالحركة.. إثناء مرور أية قطعة عسكرية يتواجد فيها ضباط أحرار ببغداد.. وفي مطلع تموز 1958 أصدرت رئاسة أركان الجيش أوامرها الى اللواء العشرين بالتحرك الى الأردن.
ـ تواطأ قاسم وعارف بتضليل اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار عن القيام بالحركة.. وابلغ فقط من له دور بالحركة.. أما باقي تشكيلات الضباط الأحرار فعلموا بالثورة من الإذاعة.
ـ نجحت الحركة في الاستيلاء على السلطة.. وقتل الأسرة الحاكمة.. وهي مستسلمة ورافعة الرايات البيضاء.. بتشجيع عارف وسكوت قاسم.. وتأييد جماهيري منقطع النظير.
ـ تولى عبد الكريم قاسم مناصب:
1ـ رئيس الوزراء.
2ـ ووزير الدفاع.
3ـ القائد العام للقوات المسلحة.
ـ أما العقيد الركن عبد السلام عارف فتولى مناصب:
1ـ نائب رئيس الوزراء.
2 ـ ووزير الداخلية.
3 ـ ونائب القائد العام للقوات المسلحة.
ـ ووزعت بعض الوزارات على أعضاء التنظيم حسب إسهامهم بالثورة.. إضافة لمشاركة بعض المدنيين من السياسيين المعارضين للنظام الملكي في الوزارة.
الاختلافات بين الصديقين:
ـ مع وجود علاقات الصداقة المتينة بين قاسم وعارف.. إلا إنهما كانا مختلفين في بعض التوجهات الفكرية.. فيعتقد بعض المؤرخين أنه وبعد نجاح الثورة حاول عارف إبراز نفسه كمفجر حقيقي للثورة.. ويدلي بخطابات عفوية وارتجالية.. التي رأى فيها بعض المؤرخين.. كذلك خصوم عارف بأنها كانت خطابات لا مسؤولة.
ـ أما قاسم فكان يبرز نفسه على أساس أنه القائد والأب الروحي للثورة والمخطط لها.
ـ وجمع السلطات بيده.. وعطل صلاحيات مجلس السيادة.
ـ وعلق انتخاب منصب رئيس الجمهورية.
ـ وألغى تشكيل المجلس الوطني لقيادة الثورة.
ـ ثم بدأت هواجسه بالحذر من منافسيه حتى رفاقه في السلاح وأعضاء تنظيم الضباط الوطنيين.
ـ كان هوى عارف مع التيار العروبي المتدين.
ـ في حين كان هوى قاسم مع التجربة الديمقراطية والاشتراكية.. فتقرب للتيارات الديمقراطية والشيوعية مما أبعده عن التوجهات الدينية والتيارات العربية والقومية.. وعمق ذلك سياسات كل تيار غير المتحفظة تجاه التيار الآخر.
ـ أدى ذلك إلى تسابق التيارين (القومي ـ والماركسي) على زعامة الثورة.
ـ مما منح المبررات لقاسم لإزاحة عارف الذي كانت سلطاته ضعيفة أمام سلطات رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع الأمر الذي سهل مهمة الإطاحة به.
ـ يضيف المؤرخون لسلوكيات محكمة الثورة التي استهانت بالمتهمين.. حيث تم استغلال قاسم كذريعة لمحاكمة.. بعض كبار الضباط الأحرار.. وشخصيات تحسب على التيار العروبي مثل: رشيد عالي الكيلاني.. والزعيم الركن ناظم الطبقجلي وغيرهم.. فتعمق الخلاف بين قاسم وعارف.
إعفاء عارف من مناصبه:
ـ أعفي عبد السلام عارف من مناصبه 5 / 11 / العام 1958.. وأبعد بتعيينه سفيراً للعراق في ألمانيا الغربية.. وبعد عودته للعراق تم اعتقاله وإحالته الى محكمة الشعب بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.
حكم الإعدام.. بين قاسم وعارف:
ـ على الرغم من هذه الخلافات الفكرية والسياسية.. إلا أن جذور العلاقة الطويلة الاجتماعية والمهنية بدت وكأنما أزيل عنها الغبار.. ففي الوقت الذي يبدو فيه أن عبد الكريم قاسم لم يكن جاداً باتخاذ الخطوة الأخيرة بإعدام عارف وكأن العملية برمتها لعبة إقصاء وردع بين متنافسين.
ـ اتخذ عبد السلام عارف موقفاً مشابهاً حين أرسل قادة انقلاب 8 شباط 1963 عبد الكريم قاسم للمحاكمة في دار الإذاعة.
ـ في النهاية رضخً عبد السلام عارف لزملاء اليوم.. واعدم قاسم من دون محاكمة.
ـ وكان الموقف يتطلب رفض اعدام قاسم.. لكن عارف صوت بإعدام قاسم.
قاسم.. يهاجم الشيوعيين:
ـ بسبب الأحداث الدموية حيث قامت (المقاومة الشعبية) ومساهمة بعض مؤيدي قاسم من العامة بموجة انتقام من أهالي الموصل وكركوك بسبب حركة العقيد عبد الوهاب الشواف الانقلابية في الموصل.. هاجم قاسم الفوضويين بشدة.. وأجرى تغييرات في مواقعهم العسكرية والمدنية.. ومنح مناصب عسكرية ومدنية مهمة للقوميين.. مما فسح المجال لهم للقيام بانقلاب 8 شباط 1963.
ـ لقد جرت محاولات لاغتياله وإسقاط نظامه منذ الأيام الأولى للثورة.. وقد بلغت 38 محاولة خلال الأربع سنوات ونصف التي حكم فيها.
_________________________
نزاهته:
ـ كان عبد الكريم قاسم زاهداً.. ونزاهته شكلت وتشكل ضغطاً هائلاً على الحكام في العراق.. فلم يكسر الرقم القياسي لنزاهته أحد من حكام العراق.
(سكنه):
ـ كان عبد الكريم قاسم يسكن داراً في بغداد.. أستأجرها من مديرية الأموال المجمدة.. منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي.. وكان قيمة إيجارها 16 ديناراً.
ـ بعد الثورة.. بقي في نفس الدار.. في اغلب أيام الأسبوع.. ينام مساءً في غرفة داخل مكتبه على سرير وفراش بسيط.. في وزارة الدفاع.
ـ كان لعائلة عبد الكريم قاسم بيتا في مدينة الصويرة.. وبعد الثورة تبرع به عبد الكريم.. ليكون مدرسة ثانوية للبنات.. وهي المدرسة الثانوية الوحيدة في الصويرة.. وسميت ثانوية عبد الكريم للبنات.. حولت في زمن صدام إلى ثانوية صدام للبنات.
ـ بعد سقوط صدام أعاد الناس عفوياً اسمها إلى ثانوية عبد الكريم للبنات.
(أمواله):
ـ كان راتب عبد الكريم قاسم.. بوصفه رئيساً للوزراء مع مخصصاته 440 ديناراً.. لكنه لم يتسلم راتبه.. فقد كان يأتي محاسب مجلس الوزراء في نهاية كل شهر فيجد عبد الكريم جالس في مكتب جاسم العزاوي مدير مكتبه يوقع القائمة.. ويقول العزاوي: آخذ أنا ظرف الراتب.. وأضعه في الخزانة الحديدية.. ثم أقوم أنا والمرافق حافظ علوان بإرسال:
ـ (100) دينار إلى أخيه حامد قاسم.. و (100) دينار أخرى إلى أخته أم طارق.. و (40) ديناراً إلى مطعم الوزارة.. ويبقى (200) دينار في الخزنة.
ـ يقوم المرافق بأخذ بعض منها لتوزيعها على الفقراء أثناء جولات قاسم في بغداد.. وكان أحياناً يجلب قاسم معه واحداً أو أكثر من هؤلاء الفقراء.. ويطلب صرف 10 أو 20 ديناراً له حتى ينفد ما في الخزنة.
ـ كان عبد الكريم يستحق راتباً آخر كونه فريق ركن.. ووزير الدفاع بوصفه القائد العام للقوات المسلحة.. لكنه لم يستلمه إطلاقا.. أي يستلم راتب رئيس وزراء فقط.
ـ المخصصات السرية "ما يقابل المنافع الاجتماعية في عراق اليوم".. كان لعبد الكريم قاسم بوصفه رئيس وزراء العراق "6000 دينار سنوياً".. لكن قاسم لم يصرف منها طوال السنة.. إلا في حالتين هما:
الحالة الأولى: "عيد الأضحى.. وعيد الفطر".. والثانية: ذكرى ثورة 14 تموز.. فبعد انتهاء المراسيم لهذه المناسبات.. يذهب عبد الكريم قاسم إلى مديرية الموسيقى العسكرية ليلقي الخطاب.. وبعدها يوزع عيديات على ضباط الصف.. "من عريف إلى نائب ضابط" 10 دنانير لكل واحد.. وجميع ما يصرف لكافة المناسبات سنوياً حوالي ألفي دينار.. ويعاد بقية المبلغ لخزينة الدولة.
ـ شهادة وفاة عبد الكريم قاسم.. تنص على أنه ترك 16 ديناراً و160 فلساً فقط.. ولا يوجد لديه أي حساب مصرفي لا في العراق.. ولا خارج العراق.
ـ لم تظهر عليه أية ديون للدولة أو للمواطنين.
عبد الكريم قاسم في الميزان:
ـ ينقسم العراقيون بوصفهم لرئيس الوزراء الزعيم عبد الكريم قاسم.. فالأغلبية منهم تعتبره بأنه الأكثر عدالة ونزاهة وصدقاً من بين حكام العراق الحديث.. والمخلص وأبو الضعفاء والقائد الفعلي للثورة.
ـ يرى آخرون أنه قد أبرز نفسه على أنه القائد والأب الروحي للثورة والمخطط لها.. تلك العوامل التي دعته نحو الفردية والديكتاتورية.. فنادى نفسه بالزعيم الأوحد.. وجمع السلطات بيده.. وعطل صلاحيات مجلس السيادة.. وعلق انتخاب منصب رئيس الجمهورية.. وألغى تشكيل المجلس الوطني لقيادة الثورة.
ـ وسبق أن حل مجلسي النواب والأعيان للحكم الملكي.. ولم يفسح المجال لانتخابات برلمان جديد.. وألغى جميع الأحزاب.. ثم بدأت هواجسه بالحذر من منافسيه حتى رفاقه في السلاح وأعضاء تنظيم الضباط الوطنيين الذين لم يسلموا من الاعتقال والتحقيق والإهانة وتلفيق التهم.
ـ كما يتهمه خصومه أيضاً.. بأنه كان يميل لجهة أو حزب على حساب الآخر.. رغم أنه لم يكن عضوا في أي تنظيم أو حزب بعينه.. ويستشهدون بإيعازه أو فسح المجال لميليشيات الحزب الشيوعي التي شاركت الحكم معه منذ العام 1959 بارتكاب أعمال العنف في الموصل وكركوك على أعقاب حركة العصيان العسكري التي قادها العقيد عبد الوهاب الشواف.. التي أحيل على إثرها الكثير من المشتبه بهم من الأبرياء والوطنيين بضمنهم قائد ثورة مايس 1941 رئيس الوزراء الأسبق رشيد عالي الكيلاني.. والعميد ناظم الطبقجلي.. وزجهم في السجن وإحالتهم لمحكمة الثورة (محكمة المهداوي).. حيث أعلن الكثير من المتهمين أمام المحكمة التي نقلت مباشرة عبر التلفزيون بأنهم قد أهينوا أو عذبوا أو اغتصبوا.
ـ أما على صعيد المحسوبية.. فقد اتهمه خصومه بأنه آمن بالسلوك الستاليني في الحكم حيث يجب على الحاكم ألا يملك شيئاً.. إلا أنه جزءاً من الدولة يصرف على نفسه وعائلته دون التملك الشخصي.
ـ الطرف الثالث.. أكراد العراق يتهمونه.. بأنه تلاعب بالقضية الكردية فبعد الثورة دعا رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم.. القائد الكردي الملا مصطفى البارزاني للعودة إلى العراق.. حيث كان البارزاني لاجئا في الاتحاد السوفيتي عقب انهيار الجمهورية الكردية التي شكلها أكراد إيران في مدينة مهاباد.. وشغل فيها البارزاني منصب وزير الدفاع.. إلا أن الحكومة انهارت بعد 11 شهراً من نشوئها.
ـ كان تطلعات البارزاني.. وتذوق طعم تجربة الجمهورية الكردية في مهاباد جعلته يحلم بتجربة مماثلة في العراق.
ـ هذا الطموح فاق ما كان في نية عبد الكريم قاسم إعطاءه الأكراد من حقوق.. الأمر الذي أدى إلى نشوب صراع بين الطرفين.. حيث قام عبد الكريم قاسم بحملة عسكرية على معاقل البارزاني العام 1961.. التي من تداعياتها.. يتهمه الأكراد بأنه اضطهدهم وألب عليهم العشائر العربية في الحويجة والموصل.. ما أدى إلى وقوع أحداث مؤسفة من إراقة الدماء وتنكيل بين المكونين الاجتماعيين العراقيين.
ـ حققت فترة عبد الكريم قاسم مشاريع انشائية وتجارية وصناعية .. وبناء مدن وتوزيع اراضي.. وملب دولي رياضي.. خلال الاربع سنوات ونصف سنة.. ما لم يتحقق خلال العهد الملكي الذي عمره 37 سنة,.
ـ بقيً ان نقول ان عبد الكريم قاسم لم يكن سياسيا.. ولو وزراؤه لم تحققت هذه المشاريع.
ـ مع ذلك لم يكن يتعامل مع وزرائه بما يحفظ لهم .. آراؤهم وطروحاتهم .. مما ادى الى استقالة جميع وزراء حكومة الثورة حتى المؤيدين له واصدقاؤه ووزراء أخرون في فترات مختلفة!
الزعيم الاوحد:
ـ اكتسحت جماهيرية قاسم بين الفقراء واصحاب الدخول المحدودة بشكل خاص.. لم يصلها أي زعيم عراقي حتى الان.
ـ حتى وصلت لدرجة تقديسه.. فهو الزعيم الاوحد.. وهو (صورته في القمر).. وهو (صورته على بيضة الدجاجة).
ـ حتى انه أخذ يصدق هذه الاقوال: وينظر الى القمر ليرى صورته!!