منتدى جامع السعادات
منتدى جامع السعادات
اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم
أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد
إشرافنا ان تقوم بالدخول أو التسجيل
إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
للتسجيل الرجاء
اضغط هنا
منتدى جامع السعادات
منتدى جامع السعادات
اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم
أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد
إشرافنا ان تقوم بالدخول أو التسجيل
إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
للتسجيل الرجاء
اضغط هنا
منتدى جامع السعادات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


البحث عن السعادة الازليه (الكمال)
 
الترحيبالرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول

 

  قصة نجاح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نهر دجلة
مشرفه
نهر دجلة


دولة : العراق
رقم العضوية : 19
تاريخ التسجيل : 26/03/2011
الإقامة : بغداد
العمر : 64
الجنس : انثى

المشاركات : 6169
السٌّمعَة : 2
نقاط : 23093
وسام التميز
الاوسمه : وسام المشرفة

 قصة نجاح  Empty
مُساهمةموضوع: قصة نجاح     قصة نجاح  Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 17, 2018 10:20 am

‏‎Amin Nasser‎‏ مع ‏أمين ناصر‏.




‏٨ ديسمبر‏، الساعة ‏٥:٠٩ ص‏ · 




عام 1964 وكنتُ مفصولة من الوظيفة أجاور المدفأة النفطية (علاء 


الدين) بدشداشة وغترة مشدودة على عنقي من البرد والضجر. قالت


 أختي شافية… لماذا لا تسجلين في معهد كوته وتتعلمين اللغة


 الألمانية؟ لقد قرأت اعلاناً في الجريدة عنه …. تلفنت على الرقم 


الموجود في الجريدة، فقال المسؤول بالعربية تفضلي. ركبت 


التاكسي (بربع دينار) الى شارع الرشيد حيث المعهد الالماني (غوته) على اسم أكبر شاعر الماني.




قابلني المسؤول، عراقي يجيد اللغة الألمانية اسمه (منعم الشبوط) 


قال: لكن الدراسة بدأت قبل شهرين ولم يبق غير شهر واحد وينتهي 


السمستر، فكيف نقبلك؟ قلت: أنا تلفنت لكم وصرفت ربع دينار 


للتكسي ولا يمكن أن أتراجع. ضحك الاستاذ الشبوط من تأكيدي على 


الربع دينار ولا يدري أنه ثروة بالنسبة لي وقال: لكن الدراسة صعبة 


جداً من عشرين طالب ينجح واحد أو اثنان وهم يداومون ثلاثة أشهر… 


قلت له: أقبلني… وأعدك أنني سأكون هذا الواحد الناجح. وقُبلـــت 


في المعهـد.






الرجوع للبيت ليس كالخروج منه، ليست معي أجرة تاكسي أو باص…


 مشياً على الاقدام أعود، تلك رياضة ممتعة سأعبر الجسر الى بيتنا 


في كرادة مريم (الخضراء حالياً). هناك 


مدرسة التقدمة للراهبات على يساري وأنا امشي… لأول مرة يدفعني 


الفضول لأن أقف على باب هذا البناء الذي يحمل أسم القديسة 


فاطمة، وكنت ارى طالباتها بصداريهن السوداء 


وياقاتهن البيضاء وهن في سيارات المدرسة… وجوه الطالبات التي


 تنطق عن النعمة وأتمنى لو درست ابنتي الوحيدة (طيب) في هذه 


المدرسة التي تعلم الفرنسية والانكليزية والاخلاق 


والاصول والتربية الراقية… الخ، أمٌّ ليس في جيبها ربع دينار وتشتهي 


لأبنتها أن تدرس في مدرسة راقية غالية التكاليف… أُم مفصولة من 


الوظيفة لمدة أربع سنوات مهجّرة من دارها 




في الأعظمية، تعيش مع أمها وأخواتها واخوانها لضيق العيش. وأنا 


في أحلامي وسرحاني وبدون أي تفكير أو تخطيط وجدتني أقف عند 


باب مدرسة الراهبات، الباب يبدو مفتوحاً وهناك 


جدار مبني أمامه يمنع نظرات الفضول، وبدون أن أخطط لأي فكرة 


وجدتني أدخل متخطية هذا الساتر ولم أخط خطوة واحدة حتى 


تسمرت فقد سدت طريقي راهبة تبدو عليها الصرامة.


 سمينة قصيرة متجهمة الوجه صفعتني بسؤال خشن: ماذا تريدين؟.




وفي تلك اللحظة أسعفتني طبيعتي كالعادة بهدوء الواثق قلت لها: 




أنا مدرّسة عربي أريد أن اشتغل هنا. تغير وجه الراهبة من العبوس 


الى الفرح وكأنني نزلتُ عليها من السماء


 قالت:


 أنا ماسير جان. كنت الآن أُصلّي وأدعو العذراء لتسعفني.


 فقد أخذت مدرسة اللغة العربية إجازة ولادة، ولم يبق على امتحان 


البكلوريا للصف الثالث المتوسط غير شهر واحد… أمسكت ماسير جان بيدي وأخذتني الى غرفة الإدارة، وأكملت:


 أنا أعطي كل مدرسة راتب 40 ديناراً بالشهر. أما أنتِ فأعطيك 50 


دينارا وأدفع لكِ مرتبات ثلاثة أشهر العطلة. قلت لها: وأنا أعطيك وعداً 


ألا تأخذ احدى الطالبات 60 درجة بالبكلوريا … ووفى كل منا بوعده.




أما وعدي لمعهد غوته بأني سأنجح…. فهو أيضاً قد تحقق. علّق 


الاستاذ الشـبوط بعد أن هنأني بالنجاح وكنت أحد اثنين:


 لازم نعمل لك تمثال بمعهد غوته. والحقيقة أن الدينارين التي 






دفعتهما رسم الدراسة قد تعلمت بهما معي أسرتي كلها لكثرة ما 


كنت أردد وأنا أحفظ اللغة الألمانية وأجاهد لكي أكون من الناجحين. 




بعد الصيف غيرت سياسة الحكومة رأيها بمعهد غوته وبألمانيا الاتحادية


 GDR ، صرنا أصدقاء المانيا الشرقية DDR، ولكن الجميل فيها ان


 المعهد الالماني الجديد ـ بعد إغلاق معهد 




غوته صار مجاوراً لبيتنا في كرادة مريم. واستمرت دراستي.




القصه للكبيره لميعه عباس عماره
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نهر دجلة
مشرفه
نهر دجلة


دولة : العراق
رقم العضوية : 19
تاريخ التسجيل : 26/03/2011
الإقامة : بغداد
العمر : 64
الجنس : انثى

المشاركات : 6169
السٌّمعَة : 2
نقاط : 23093
وسام التميز
الاوسمه : وسام المشرفة

 قصة نجاح  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة نجاح     قصة نجاح  Icon_minitimeالسبت يونيو 20, 2020 2:25 pm

المنقب
١٩ ساعة · 
الوجه الآخر لتوماس اديسون


كان هناك خلاف كبير بين العبقري تسلا والمخترع الامريكي اديسون حول التيار المستمر والمتناوب، فأديسون كان من انصار التيار المستمر ويريده هو الاساس في الكهرباء، وتسلا يؤيد التيار المتناوب، وقد حققته له شركة ويستنغهاوس الامريكية، وفي النهاية تغلب تسلا على اديسون واختير التيار المتناوب في امريكا، لانه اقل كلفة ويصل الى اي مكان عكس المستمر الذي يكلف مبالغ ولا يستطيع 




استخدامه الا الاغنياء، لذلك كان اديسون غيورا جداً من تسلا واراد بشتى الطرق ان يفشل فكرته، فخطرت له فكرة شيطانية وهي تعريض فيل للتيار المتناوب وصعقه حتى يخاف الناس من التيار المتناوب ويفشل مشروع تسلا، فاستأجر أديسون للحدث طاقما 




للتصوير وكأنه مقدم على إخراج فيلم سينمائي، وأعلن أن الفيلة "توبسي" ستعدم باستخدام التيار المتناوب الذي توفره شركة وستينجهاوس والذي طوّره تسلا.






وزيادة في التأكيد على إخراج المشهد النهائي كما سيُخرج، تم إطعام الفيلة "توبسي" حوالي نصف كيلو "سيانيد" تم دهانه على الجَزَرات القليلة التي التهتمها المسكينة قبل أن تلقى حتفها.




وعند اللحظة المحددة، وقف ألف وخمسمائة متفرّج من البلهاء الساديين ليروا "توبسي" للمرة الأخيرة بينما يمرّ حوالي 6600 فولت خلال جسدها لتسقط قتيلة في ثلاث ثوان لا غير.






انتهت قصة "توبسي" هنا ولم يأت على ذكرها أحد كما لم يأت أحد على ذكر أديسون كرجل أعمال محتال أو كإنسان مقيت ومجرّد من الحسّ الإنساني. العزاء الوحيد هنا هو أن التيار المتناوب، في نهاية 




المطاف، حلّ محل التيار المستمر، وأن "لونا بارك" التي شهدت إعدام الفيلة"توبسي" اشتعلت بها النيران ثلاث مرات بعد الواقعة دون أن يتم فتحها مرة أخرى بعد الحريق الأخير.


Hassan Al Modhefer






المزيد من مقاطع الفيديو على Watch
0:46
المشتري وقمره ايوا
المنقب
2:04
مرشد سياحي مصري يشرح الاسماء الملوكية الخمسة للسياح.
المنقب
0:26
دير مار متي ܕܝܪܐ ܕܡܪܝ ܡܬܝ‏ دير أثري ومكان قديم يقع في جبل الالفاف بالقرب من برطلة ܒܪܛܠܐ . يقع على بعد 35 كم شمال شرقي الموصل، وعلى 




ارتفاع 640 م عن مستوى سطح البحر، الصاعد عليه سيراً على الأقدام يتسلق الجبل بين مرتفعين الطريق مرصوف بالحجارة، في اثنين وثلاثون استدارة يمنه ويسرى تقدر بكيلو متر تقريباً. أُسس عام 363 م على يد مار متي السرياني الارثوذكسي. يضم الدير كنيسة وصوامع لسكن الرهبان وهو محاط بسور كبير جداً ويسمى الطريق المؤدي اليه في اعلى الجبل بأسم (الطبكي) وهي كلمة سريانية ماخوذة من كلمة (طبيوثوا) وتعني المرتقي او العالي. في عام 480 م تعرض الدير الى اعمال تخريب وحرق فاحرقت النيران كل شيء فيه من اثاث وكتب. وبعد 64 سنة عاد الرهبان مرة اخرى فجددوا ورمموا الدير واشتهر الدير في اواخر القرن السادس والسابع اذ اصبح رمزًا ومركزًا هامًا في كنيسة المشرق.
المنقب
مشاركة
مشاهدة مرة أخرى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نهر دجلة
مشرفه
نهر دجلة


دولة : العراق
رقم العضوية : 19
تاريخ التسجيل : 26/03/2011
الإقامة : بغداد
العمر : 64
الجنس : انثى

المشاركات : 6169
السٌّمعَة : 2
نقاط : 23093
وسام التميز
الاوسمه : وسام المشرفة

 قصة نجاح  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة نجاح     قصة نجاح  Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 05, 2020 2:52 am

د. هادي حسن عليوي
ساعة واحدة · 
مشكلاتي مع رؤساء الوزراء


د. هادي حسن عليوي


ـ منذ نعومة اظافري بدأت مشكلاتي مع رؤساء الوزارات.. وفي كل العهود.. فما أن بدأ العدوان الثلاثي على مصر في 29 تشرين الثاني العام 1956.. الذي شاركت فيه كل من (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) حتى انطلقت التظاهرات الطلابية والجماهيرية في بغداد والمحافظات العراقية الأخرى.. وفي اليوم الثاني شاركت مدرستنا (ثانوية غازي) في التظاهرات التي غص بها شارع الرشيد باتجاه باب المعظم.. والكل يهتف (تأييداً لمصر وتنديداً بالعدوان.. وبسقوط حكومة نوري السعيد الخائنة).. وغيرها من الهتافات التي تندد بالحكومة ونوري السعيد رئيس الوزراء لدعمهم العدوان.


ـ عند وصولنا ساحة الأمين (الرصافي حالياً) هجمت الشرطة على المتظاهرين بالهراوات في محاولة لتفريقهم.. لكن المتظاهرون رموا الشرطة بالحجارة.. واستطاعوا الاستمرار في سيرهم.. بالرغم من إلقاء القبض على العديد من المتظاهرين.. وعند وصولنا ساحة الميدان.. التي كانت مطوقة من قبل الشرطة بشكل كامل.. هجمت الشرطة على المتظاهرين.. واستطاعت تفريق التظاهرة.. واعتقال العديد من المتظاهرين من بينهم (11) طالباً من مدرستي.. كنتُ (أنا) أحدهم.. واقتادونا إلى مركز شرطة السراي القريب من ساحة الميدان.. ووضعونا نحن الصغار في النظارة.. وسمحً لنا ضابط المركز بالاتصال بأهالينا هاتفياً وأبلغناهم الأمر.. سألنا بعض المعتقلين من كبار السن عن أعمارنا وأسمائنا.. فأعطيناهم أسماءنا.. وقلنا لهم جميعنا أعمارنا 16 سنة.


ـ يبدو إن هؤلاء المعتقلين أرسلوا فوراً أسماءنا وأعمارنا إلى السفارة المصرية في بغداد.. التي أبرقتها إلى إذاعتي القاهرة وصوت العرب.. وما هي إلا ساعتين.. وإذا بصوت المذيع المصري المعروف أحمد سعيد يلعلع من إذاعة صوت العرب معلناً: (إن النظام الرجعي السعيدي في العراق يزج في السجون حتى الأطفال والفتيان.. وقرأ أسماؤنا : الفتى هادي.. والفتى احمد والفتى حنا.. و .. .. و …. الخ ).


أنا.. ونوري السعيد:


ـ في حوالي الساعة الخامسة عصراً ذلك اليوم خرج ضابط المركز إلى الباب الخارجي مسرعاً.. وعادً يسير إمامه ثلاثة رجال في الوسط رجل كبير السن (أشيب).. وأدخلهم في غرفته.. ليخرج علينا مدير المركز.. ويقول: (ادخلوا ولا تتكلموا إلا عندما تسألون).


ـ وفي الغرفة جلسً على كرسي مدير المكتب الرجل الشايب فيما يقف الشخصان الآخران إلى جانبيه.. سألنا الشايب: انتم كنتم في التظاهرات؟.. فقال أحدنا وهو يبكي: أبداً لم نكن.. سألنا عن مكان مدرستنا وأماكن سكنانا.. ثم وجه كلامه لنا: مدرستكم في منطقة ألسنك.. وبيوتكم قريبة منها.. كيف جئتم إلى منطقة الميدان.. والدنيا مقلوبة وتظاهرات؟.. وأشار على أحدنا.. وقال له: ماذا تقول ؟ سكتً صاحبنا ولم ينطق.


ـ أشارً عليً: أنت أجبني.. قلتُ له: كنا في التظاهرات.. قال: وماذا تعملون في التظاهرات.. قلتُ: كنا نهتف ضد العدوان وضد الحكومة.. قال: (ماذا كنتم تهتفون ؟).. قلتُ له: (تسقط حكومة نوري السعيد الخائنة ).


ـ ابتسمً ونظرً الينا.. وقال: (هل تعرفون نوري السعيد ؟).. قلنا: كلا.. التفتً إلى صاحبه.. وقال له: (سعيد بيك.. قل لهم من أنا ).. أستعدً سعيد بيك.. وقال: (سيدي: أنت الباشا نوري السعيد ).. ما أن أكمل سعيد بيك كلامه.. حتى تجمدً الدم في عروقنا.. وأخذنا نصبُ عرقاً.. وأجسادنا تختض مما سيجري لنا.


ـ نظرً ألينا الباشا نوري السعيد مبتسماً: وقال بصوت هادئ: تريدون تروحون لبيوتكم هسه.. هززنا رؤوسنا بالإيجاب.. فقال: (شرط.. نطلع أنا وإياكم الى باب المركز.. ونهتف كلنا بصوت عالي.. نفس ما كنتم تهتفون بالتظاهرات.. بعدها تروحون لبيوتكم).


ـ خرجنا سوية وصاح الباشا: يلله نهتف.. ولا واحد هتف.. وحتى صوتنا لم يخرج.. كرر الطلب.. ولم يفلح.. أخيراً بدأ هو يهتف بصوت عالٍ: (تسقط حكومة نوري السعيد الخائنة).. ونحن نردد بعده بصوت خجول إلى أن ارتفعً صوتنا.. وقمنا نهتف بلا خوف.. وهو يضحك ملً شدقيه.. ثم قال: (اذهبوا إلى بيوتكم).. وهربنا بسرعة.. وهو مازال يضحك.. وفد ركضه لبيوتنا بدون توقف.
____________
ملاحظة : بعد ثورة 14 تموز 1958 عرفنا أن سعيد بيك هو (سعيد قزاز) الذي كان وزير الداخلية آنذاك.. والشخص الآخر كان (عبد الجبار فهمي) متصرف (محافظ) بغداد.. وذلك من خلال محاكمتهم العلنية في محكمة الشعب التي كانت تنقل عبر شاشات تلفزيون بغداد….. (عرب وين .. طنبورة وين).
____________


2ـ عبد الكريم قاسم.. كما رأيته وجها لوجه:


ـ منذ العام 1955 كنتُ مستمعاً جيداً لخطب الرئيس جمال عبد الناصر من إذاعة القاهرة
وياما أكثرها في تلك الفترة.. وكنتُ أحفظها على ظهر قلب.. بل أشرحها بشكل لا يصدق.. وكان والدي رحمه الله يجيب عن كل استفساراتي عنها.. فترعرعت قومياً عربياً متفتحاً.. كأكثرية أبناء جيلي آنذاك.. وهكذا عندما قامت ثورة 14 تموز كنتُ أحد القوميين الناصريين النشطاء فكراً.. وليس بالأسلوب الغوغائي الذي مارسه قوميو ويساريو تلك الفترة أبداً.


ـ المهم في فجر يوم 14 تموز 1959.. (أي يوم الذكرى الأولى لثورة 14 تموز 1958).. القيً القبض علينا من قبل بعض أفراد الانضباط العسكري.. وذلك بالقرب من مدرسة الإعدادية المركزية القريبة من وزارة الدفاع.. عندما كنا نخط بصبغ البوية على السياج الخارجي للمدرسة شعارات ضد الزعيم عبد الكريم قاسم والدعوة لإسقاطه.. واقتادنا الانضباط العسكري إلى وزارة الدفاع.. لكون مقر الانضباط العسكري فيها.. كذلك كان مقر الزعيم عبد الكريم قاسم فيها أيضاً.


ـ كنا خمسة (أنا، ونجاد، ومهدي، وستار، وصباح).. بعد حوالي ثلاث ساعات في نظارة وزارة الدفاع.. حقق معنا العقيد الركن عبد الكريم الجدة آمر الانضباط العسكري.. بشكل متشنج.. وفي الساعة العاشرة من صباح نفس اليوم أدخلنا الجدة إلى قاعة كبيرة ومؤثثة.. ولم تمر عشرة دقائق حتى دخل علينا الزعيم الركن عبد الكريم قاسم ترافقه ثلة من كبار الضباط.. أتذكر منهم: الزعيم الركن أحمد صالح العبدي: الحاكم العسكري العام.. العقيد فاضل عباس المهداوي: رئيس محكمة الشعب.. المقدم وصفي طاهر.. والنقيب جاسم العزاوي مرافقي الزعيم.. إضافة إلى العقيد الجدة.


ـ سلمً علينا الزعيم عبد الكريم قاسم.. وصافحنا واحداً واحداً.. وعندما علمً إننا جميعا طلاب في الخامس العلمي (لم يكن آنذاك صف سادس آنذاك) تأثر الزعيم كثيراً.. والتفتً إلى العقيد عبد الكريم الجدة.. وقال له : كريم هؤلاء متآمرون!!.. هؤلاء أبناءنا.. لا بد أن يكملوا دراستهم.. والعراق بحاجة إليهم ).
ـ سكت الزعيم برهة.. فسألنا العقيد فاضل عباس المهداوي عن الأحزاب التي ننتمي إليها.. قاطعهُ الزعيم قاسم قائلاً له: (أبو العباس: الشباب ضيوف عندنا ولا نحقق معهم).. وابتسم الزعيم بوجوهنا.


ـ المهم: قال الزعيم: (بالتأكيد لم تفطروا حتى الآن.. سنجلب لكم ريوك.. ماذا تريدون؟ كاهي السيد بالقيمر.. لو كباب اربيل).. وهاتان الأكلتان كانتا أفضل الأكلات في بغداد آنذاك.. طأطأنا رؤوسنا خجلاً من هذا التعامل.. الذي لم نكن نتصوره حتى في أحلامنا.. ثم ترك الزعيم ورفاقه القاعة.. بقينا نحن مشدوهين.. وينظر كل واحد منا الى الآخر دون أن ننطق كلمة واحدةً.


ـ بعد حوالي ربع ساعة أدخلوا علينا الطعام (من الأكلتين).. وبعد أن فطرنا وشبعنا وشربنا الشاي المهيل.. دخلً الزعيم علينا ثانية.. وخاطبنا قائلاً: (أبنائي.. العراق بحاجة إلى كل أبنائه.. خاصة الشباب المتعلم لبنائه.. والبناء سلاحه العلم.. أرجوكم.. ومن أجل بلدكم أولاً ومستقبلكم.. أن تدرسوا وتكملوا دراساتكم وتتخرجوا من الكليات.. وبعد ذلك اشتغلوا بالسياسة.. سواء كنتم مؤيدين للحكومة أم معارضين لها.. فالكل في خدمة العراق).


ـ ثم صافحنا الزعيم ثانية وودعنا.. وخرجنا من وزارة الدفاع.. ونحن لم نتكلم كلمة واحدة
حتى مع أنفسنا خجلاً.


3ـ أنا.. وطاهر يحيى:


ـ كنتُ العام 1966 في المرحلة الثالثة من الكلية.. وانا من المتفوقين.. ووضعي المعاشي كان صعباً.. ومتزوج حديثاً.. ففكرتُ بالتعين بوظيفة حكومية.. ما دام انا أداوم في الكلية مسائي.. لكنني لم احصل على الوظيفة.. وما زلتُ حتى الان متألماً جداً.. عندما ذهبتُ لشخص احتضنه ابي خلال دراسته وقدم له كل ما يحتاج وأكمل دراسته.. وأصبح مسؤولاً في احدى مؤسسات الدولة.. لكنه عندما ذهبتُ اليه قابلني ببرود.. وكان بمقدوره تعيني فوراً.. لكنه اعتذر.. في حين سمعتُ انه عين شخصاً خريج متوسطة !!


ـ المهم: فكرتُ ملياً.. وقررت مقابلة طاهر يحيى رئيس الوزراء.. فهو انسان بسيط.. كما كنا نسمع.. فكنت منذ الصباح الباكر انتظره قريباً من مقر رئاسة الوزارة.. وفي الثامنة صباحاً وصلت سيارته.. فذهبتُ مسرعاً نحوها.. وما ان نزلً من السيارة.. سلمتُ عليه.. وبدأتُ بكلامي مسرعاً: (استاذ.. انا خريج اعدادية ومتفوق في دراستي.. رأساً قاطعني.. وقال: عفيه بالسبع.. أية كلية تريد مقبول بها!!


ـ قلت له: استاذ: انا اريد أتعين.. لأني الان أداوم في الكلية مسائي.. وقال نعينك.. هل تريد مكاناً معيناً.. قلتُ لا اعرف.. أخذني معه.. واتصل هاتفياً.. ثم قال لي: روح لوزارة الصناعة.. اسمك موجود.. وهكذا عينتُ فوراً.


4ـ أنا.. وصدام حسين:


ـ بدأت مشكلتي مع صدام حسين.. عندما كان نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة.. ففي العام 1976 حيث جرى تحقيق معي.. إنني قلت بمحاضرة بكلية العلوم السياسية.. كان صدام فقيراً.. وليس من عائلة معروفة.. فجرى التحقيق معي في المخابرات.. وخرجتُ وأنا غير مصدق.


ـ العام 1977 أعلنت وزارة الإعلام عن حاجتها لمستشارين صحفيين.. ونجحت بالمقابلةً.. تأخر تعيني.. فقدمت طلبا لرئاسة الجمهورية.. وابلغوني بالحضور.. حضرتُ أمام السيد النائب (صدام).. فقدموا اضبارتي.. اطلعً عليها.. وشاهدتُ أمر تعيني (مستشاراً بهولندا).. لكن صدام كتبً ينسب للسودان.. فبدلاً من هولندا (البلد الجميل.. الى السودان البلد المتخلف.. ذا الصيف الحار جداً).. وصادف في ذات الفترة إن اتهم الرئيس السوداني جعفر النميري العراق بالتآمر عليه وقطع علاقاته.. وأغلقت سفارتنا ولم أباشر.


ـ منتصف العام 1979 عينتُ مستشاراً صحفياً في ايطاليا.. وخلال سنة استدعيتُ للمخابرات مرتين:
الأولى:


ـ جرى استفسار عن حياتي ودراستي وعملي.. وقال المحقق: (لا تستعجل الأمور.. ولا تحرق المراحل.. المناصب تأتيكً).. لا أدري ماذا يقصد؟؟ و لم اجبه بشيء.


الثانية:


ـ في آذار 1980 جرى التحقيق معي في المخابرات.. بأمور أخطرها إنني رددتٌ باجتماع مع الموظفين اسم (صدام) ثلاث مرات.. مجرداً من عبارات الاحترام والتبجيل.. لم يتم تداول عبارة: (حفظه الله) آنذاك.. وبعد تحقيق بأسلوب ارهابي.. أطلقوا سراحي.. كان ذلك إنذاراً خطيراً.


ـ ضحى 7 حزيران 1980 اقتحم شخصين من المعارضة العراقية السفارة العراقية في روما.. ودار تبادل إطلاق نار بين المهاجمين والحرس.. ولم يستطع المهاجمون دخول السفارة.. وهربوا بسرعة.


ـ بعد ستة أشهر شكلت وزارة الخارجية لجنة للتحقيق حول هذا الحادث برئاسة السفير محمد سعيد الصحاف.


ـ اجتمعت اللجنة مع مسؤول المخابرات بالسفارة (فلاح مطرود).. وطبخوا الموضوع.. فصدر تعميم.. أرسل لكل سفاراتنا يقول فيه: إن هادي حسن عليوي تخاذلً بصد الهجوم.


ـ الكل يعرف إنني لستُ المسؤول عن حماية السفارة.. ولا أملك سلاحاً.. والمهاجمون لم يدخلوا السفارة.. بل مكتب القنصلية الملاصق للسفارة.


ـ تم معاقبة خمسة دبلوماسيينً.. لا علاقة لهم بحماية السفارة.. اثنين كانا بإجازة خلال الحادث.. أحدهما يقضي إجازته مع عائلته بمدينة الناصرية.


ـ وزيري لطيف نصيف جاسم أبلغ المخابرات: أن هادي مستشاراً صحفياً.. ولا يملك سلاحاً.. ولم يسلم سلاحاً له.. فكيف يصد الهجوم؟.. ألغي أمر نقلي ومعاقبتي.. وطلبوا منه نقلي الى بغداد.. وعدم ترشيحي لأي منصب خارج العراق!!.. وهكذا عدتُ لبغداد!!


ـ أوائل العام 1981.. صدر أمر تعيني مديراً عاماً للدار الوطنية للنشر والتوزيع.. لكنني كنتُ أعيش الصدمة والظلم الذي وقع عليً دون ذنب ارتكبته.. فاعتذرت.. وظلت الدار ستة أشهر بلا مدير عام.


ـ في أيار العام 1983 صدر أمر تعيني مديراً لعدم الانحياز.. للتحضير للمؤتمر السابع لحركة عدم الانحياز الذي يعقد ببغداد أوائل أيلول 1983.. وعملتٌ ليل نهار للتهيئة لما يتطلبه حضور أكثر من 3500 صحفي أجنبي.. أنجزتُ مهمتي بشكل مبدع بشهادة اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر ورئيسها طارق عزيز.


ـ لم يعقد المؤتمر ببغداد.. وتم تكريم المسؤولين عن الإعداد للمؤتمر بسيارة.. لكنني الوحيد لم أكرم.. سألتُ عن السبب.. ردً عبد الجبار محسن (وكيل الوزارة) بصوت عالي: (المفروض انت الآن "خايس" بالسجن.. السيد الرئيس قلبه كبير.. عفا عنكً.. وأنت تردد اسمً سيادته بلا عبارات التبجيل).. لم أجبه.


ورددتُ ونفسي: (إن الله مع الصابرين).


ـ في نيسان العام 1991.. أعلن صدام حسين بأنه سيقيم التعددية الحزبية.. فكانت مناسبة أن أعرف بمشروع كتابي مسيرة التعددية الحزبية في العراق.. ووجدتُ الرغبة لجريدة القادسية بنشره.. فاشترطتُ عدم حذف أو تغيير أي شيء.


ـ بدأت الجريدة تنشر الحلقات أسبوعيا.. وفي 17 أيلول العام 1991 نشرت الحلقة (16) بعنوان (صفحات من تاريخ العراق المعاصر).. ذهبتُ للجريدة لأستفهم أسباب تغيير العنوان.. لمحني الزميلين (هاني عاشور وأحمد عبد المجيد).. فأشار الأخير ليً للذهاب لرئيس التحرير أمير الحلو.. فاستقبلني.. وأخرج قصاصة.. وقرأها: (زار السيد الرئيس وزارة الإعلام.. وتحدث بأمرين.. الأول: إن جريدة القادسية تنشر موضوعاً عن(التعددية الحزبية في العراق).. لا اعتراض على المضمون.. لكن اعتراضنا على عنوانه). .وأضاف :(وأكد الرئيس ليس في العراق تعددية حزبية.. نحن سنقيم التعددية).. انتهى كلام صدام.


ـ وعقبً الحلو: سألتُ الوزير(هل نوقف نشر الحلقات).. أجابني إن الرئيس أعترض على العنوان فقط.. فتمً تغيير العنوان بأمر الوزير………).. من جانبي لم اُسلم الحلقات المتبقية.. وانتهى الموضوع.


ـ أوائل العام 2001 صدر كتابي: (الأحزاب السياسية في العراق.. السرية والعلنية).. لأني خشيتُ أن أبقيه بعنوانه:(التعددية الحزبية في العراق).. وقدمت دار النشر تعريفاً للكتاب على غلافه الأخير اختتمته بالعبارة الآتية: (أملاً أن يكون العراق على أهبة مرحلة جديدة من تعدد الأحزاب والصحوة السياسية).


ـ حال وصول نسخ من الكتاب للعراق.. أثارت هذه العبارة الأجهزة الأمنية.. وذهبً المقدم جمال عسكر المسؤول عن المطبوعات بالأمن لشارع المتنبي.. وسأل عني.. فأجابه أحمد العبادي: (إنني أستاذاً جامعياً بليبيا).


ـ أوائل تموز العام 2001 وصلتُ لبغداد لقضاء العطلة الصيفية بين أفراد عائلتي.. وفي صباح اليوم التالي استدعتني الأمن للتحقيق.. بعد 70 يوماً من التحقيق معي اقتنع المسؤولون في الامن بان العبارة للناشر.. لكن لم يعد يحق ليً العودة لليبيا.. فالمدة الزمنية للعودة محددة ب 45 يوماً فقط.. فخسرتُ عملي.


ـ في نيسان العام 2002 اتصل بيً المعهد العربي العالي للدراسات التربوية والنفسية في بغداد.. عارضاً عليً منصب عميد المعهد.. وافقتُ وباشرتُ العمل.. بعد شهرين.. اتصلً بيً هاتفياً: هاشم حسن المجيد (شقيق علي حسن المجيد).. مسؤول الكليات الأهلية بمكتب بغداد لحزب البعث.. وأنذرني بترك المعهد خلال 48 ساعة من دون أن يعطِ سبباً.


ـ من جانبي اتصلتُ بالرئيس صدام حسين على هاتفه المخصص للمواطنين..(مجبراً) بناءً على نصيحة اللجنة العلمية للمعهد.. وشرحت الحالة.. ردً عليً صدام بشخصه: (سوف نتصل بكً).. في اليوم التالي كلمني مكتبه: (دكتور انت كنتً بليبيا.. وأمورك المادية جيدة.. لا داعي تنافس الآخرين!!).. وأغلق الهاتف.


ـ بانتهاء 48 ساعة حضرت حماية هاشم حسن.. وأخرجتني من المعهد.. ليفرض العميد الجديد.. (يا للمهزلة معهد عالي متخصص بمنح شهادتي الماجستير والدكتوراه فقط.. عميده الجديد لا ماجستير ولا دكتوراه.. ولا خبرة تدريسية).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نهر دجلة
مشرفه
نهر دجلة


دولة : العراق
رقم العضوية : 19
تاريخ التسجيل : 26/03/2011
الإقامة : بغداد
العمر : 64
الجنس : انثى

المشاركات : 6169
السٌّمعَة : 2
نقاط : 23093
وسام التميز
الاوسمه : وسام المشرفة

 قصة نجاح  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة نجاح     قصة نجاح  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 14, 2022 12:06 am

زمن فائق حسن
بقلم الكاتبة إنعام كجه جى

أخذه خاله معه وهو يافع ليساعده في عمله
وكان الخال بستانيا في حدائق القصر الملكي في بغداد وبدل ان يشتغل الولد بتشذيب شجيرات الورد فإنه كان يجلس ليرسمها. نزل الملك فيصل الأول إلى الحديقة ورأى صبيا نحيلا نحيفا غامق السمرة يرسم بطريقة مدهشة في دفتر مدرسي. بعد يومين استدعاه وطلب منه أن ينقل رسما كان معلقا في إحدى صالات القصر، ونجح صبي البستاني في الاختبار بحيث ان ضيوف الملك لم يتمكنوا من التمييز بين الأصل والتقليد. قال له الملك إنه سيرسله في بعثة لدراسة الفن في الخارج بعد أن ينجح في المدرسة.
ذلك كان زمنا آخر أوائل ثلاثينات القرن الماضي وحين انهى التلميذ الدراسة كان فيصل قد غاب عن الدنيا، لكن ولي عهده الملك غازي التزم بالوعد وأرسله ليدرس الفنون الجميلة في باريس. لم يكن فائق حسن الولد الفقير الذي سيصبح أكبر رسامي العراق يمتلك سوى سروال واحد قديم، تنادى الاصدقاء وجمعوا له حوائج السفر. مضى إلى الشام عبر البر ومنها إلى بيروت ليأخذ الباخرة إلى مرسيليا. أمضى أيام الرحلة وهو يرسم ما تقع عليه عيناه وكان بعض المسافرين يشتري رسومه وتخطيطاته، رأى الصحراء والبحر تعلق بالأولى وأصبحت موضوعه المفضل ولم يرسم البحر إلا نادرا.
في باريس تعرف على زميل لبناني اسمه صليبا الدويهي (صار علما في دنيا الفن فيما بعد) أخذه صليبا ليقدمه إلى أستاذه لؤي روجيه. شاهد الاستاذ تخطيطات الشاب العراقي فقبله على الفور طالبا عنده. كانت باريس تتأرجح بين حربين انبهر بها وشاهد نساء حقيقيات وكانت المرأه عنده كيانا غامضا وراء سواد العباءة. أمضى نهاراته في اللوفر ينقل لوحات كبار الرسامين. يقول إنه تعلم خارج المعهد أكثر مما تعلم في صفوف الدرس. ولما عاد الى بغداد قبيل إشتعال الحرب العالمية الثانية أسس قسم الرسم في معهد الفنون الجميلة وكان ذلك عام 1939.
في بيت رفيقه جواد سليم بمحلة البارودية كانوا يجلسون تحت الدرج ليستمعوا إلى اسطوانات الموسيقى الكلاسيكية. أسس فائق حسن وجواد وعدد من زملائهم " جمعية أصدقاء الفن" وظهرت ملامح مدرسة بغدادية في الرسم جعلت من حياة الشارع موضوعها المفضل. صار فائق حسن واحدا من أبرز رسامي العالم في استخدام الألوان تخرج على يديه مئات الطلبة وما زال له عشرات المقلدين، كان يقوم برحلات إلى البادية ينقطع فيها أياما ليرسم الخيالة الأعراب والجياد الأصلية والوجوه التي لوحتها الشمس رجال لوحاته يشبهونه في الدكنة وحدة النظرات وكانت لوحاته تحجز وتقتنى مسبقا وقبل أن يرسمها.
اقترن فائق حسن بزوجة من فرنسا وكان له منزل فيها يقضيان فيه الصيف. جاء في إحدى المرات مع وفد فني إلى باريس وهرع زملاؤه إلى الأسواق يقتنون الملابس وقال إن سترته التي رافقته مذ ثلاثين سنة لن يشتري غيرها حتى تبلى، تجولنا في الحي اللاتيني وكان يتأمل مدينة تغيرت ومات كل من عرفهم فيها، ولما زرته في بيته في بغداد قبيل رحيله رأيته مشغولا بتلقيح نخلات الحديقة، كان يجيد الرسم والبستنة والنجارة والخياطة والطبخ وتصليح الكهرباء وتسلق النخيل ولما أراد رفيق عمره جواد سليم أن ينحت له تمثالا اختار ان ينحت كفيه لا َوجهه.
مات فائق حسن في فرنسا شتاء 2002 وكانت الرحلات الجوية محظورة إلى العراق أوصى بحرق جثمانه وذر الرماد في دجلة، أغمض عينيه قبل أن يرى زمنا يعترضون فيه على تدريس الرسم في معاهد الفنون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نهر دجلة
مشرفه
نهر دجلة


دولة : العراق
رقم العضوية : 19
تاريخ التسجيل : 26/03/2011
الإقامة : بغداد
العمر : 64
الجنس : انثى

المشاركات : 6169
السٌّمعَة : 2
نقاط : 23093
وسام التميز
الاوسمه : وسام المشرفة

 قصة نجاح  Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة نجاح     قصة نجاح  Icon_minitimeالخميس يونيو 01, 2023 7:18 pm

عندما جربت السفر للملكة العربية السعودية بعد التخرج – عام 1990 - تعثر تصريح السفر، وقيل لي إن علي أن آخذه من جهاز أمن الدولة. هناك كارثة ما.
المخبر الذي يجلس في مكتب الاستقبال كالح الوجه، يتعامل مع الناس بوقاحة مستفزة كفلاح جلف يعرف أنك عاجز عن أن تضره. يسخر من لقب كل شخص (أحمد حسنين ؟ هع هع . مش كفايه حسن واحد ؟... علي الأطرش ؟ هو لسه أطرش ؟ هع هع)، ويستهزئ بالجميع شاعرًا بأهمية مركزه، ومعظم ما يقوم به من عمل هو جعل الناس ينتظرون على احر من الجمر، ثم بعد ثلاث ساعات يخبرهم أن (فلان بيه) لم يأت اليوم، وأن عليهم العودة بعد ثلاثة أيام، ثم يبدي قرفه واشمئزازه من توسلات الناس له لأن موعد السفر اقترب .. أو .. أو .. لا أعرف إن كانوا يتبدلون في النوبتجية، لكن حظي العاثر كان يوقعني دومًا مع هذا الوغد.
أجلس في غيظ – لرابع يوم – أصغي لهرائه والقصص السخيفة التي يحكيها لأحد معارفه:
ـ"العقيد (فلان بيه) يثق بي تمامًا .. لا يخرج لأي مأمورية من دون أن يقول لي: تعال معي يا إبراهيم بيه فأنا بحاجة لك !!!"
أتماسك حتى لا أنفجر ضحكًا. أحداث رائعة يوسف إدريس (جمهورية فرحات) لا تفارق ذهني.
سخريات الحياة أن يصير هذا الكلب متحكمًا في مستقبلك ومصيرك، وهو بالفعل قادر على ألا تقابل الضابط المسئول للأبد. في النهاية عندما قابلت الضابط نفسه - الشهادة لله – كان في غاية التهذيب والأدب، وقال لي وهو يناولني لفافة تبغ ويشعلها:
ـ"ملفك يتحدث عن نشاط شيوعي أيام الكلية يا دكتور، لهذا حدث هذا الخلط.. لاتقلق . سأنهي المشكلة حالاً"
كما قلت لك: لست ناشطًا كما إنني لست شيوعيًا، لكن هذا ليس موضوعنا على كل حال. مرة أخرى بعد أعوام تكرر الموقف ذاته، وجئت لأمن الدولة لأجد مخبرًا غير خصمي القديم، لكنه هو نفسه بطباعه وغروره وقلة أدبه. بعد ما تكرر الكعب الدائر مرتين، خرجت لكابينة هاتف واتصلت بصديق حميم له قريب ذو منصب مهم في جهاز أمن الدولة. عدت لمكتب الاستقبال لأسمع سخرية المخبر السخيفة وكلامه الجلف. عندما دق جرس الهاتف، رفع السماعة وبدت معالم البلاهة والغباوة على وجهه:
ـ"نعم يا باشا .. هو امامي الآن .. ماذا ؟ أوصله بنفسي لمكتبك ؟ أمرك"
وسرعان ما راح يركض كالأرنب وأنا وراءه عبر أروقة الجهاز الكئيبة، ليوصلني للضابط الكبير الذي أنهى المشكلة في نصف دقيقة وهو يبتسم. وعندما خرجت من الباب للشارع نهض المخبر محييًا في توقير كأنني صرت باشا آخر.
عندما يتملك السلطة شخص جاهل غبي لم تهذبه الثقافة ولم يعلمه الدين شيئًا، فإنه يصير من زبانية جهنم، وتصير رسالته في الحياة هي أن يحيل حياة البسطاء الذين لا خطر منهم جحيمًا.
هناك كذلك (عقدة ممرض الطبيب الناجح) التي يعرفها الأطباء جيدًا.
هناك دومًا الطبيب الناجح الذي يتزاحم المرضى على عيادته. هؤلاء – كي يقابلوا آمون – يجب أن يظهروا الخضوع والتبتل للكاهن الأعظم. وهذا الكاهن الأعظم يجلس إلى مكتب (إيديال) صغير شاعرًا بتضخم أهميته، يرنو لهم بتنطع وغرور يتناسبان مع جهله. مع الوقت يوقن أنه مهم جدًا .. إن الناس تتزاحم أمامه طالبة رضاه .. البعض ينتحون به جانبًا، والبعض يبرزون له بطاقات تدل على أنهم مهمون مثله. إنه يملك لهم كل شيء.. يملك أن يسمح لهم بمقابلة آمون داخل المحراب، أو يمنعهم من ذلك فهو إذن الهلاك الأبدي لأرواحهم..
مع الوقت يشعر بأنه أهم من الطبيب بكثير.. يتصرف بغرور فج لا يختلف عن غرور مخبر أمن الدولة الذي حكيت عنه. وأعتقد انه يتحول إلى وحش يسيطر عليه الطبيب بصعوبة.
منذ أعوام زرت طبيب أمراض جلدية شهيرًا في مدينتي، فأعطاني الممرض الرقم 71 في الحجز اليومي !.. وهو يحدد لك الموعد بالدقيقة.. 8:10 مساء مثلاً .. السبب هو منع الازدحام الذي يثير شهوات مفتشي الضرائب، لو تأخرت خمس دقائق لضاع دورك. ثم عرفت أنه يتقاضى سبعة جنيهات عن كل كشف. لو افترضنا أن الطبيب يفحص مئة مريض يوميًا – والكل يؤكد أن هذا ممكن لأن الرجل يقضي مع كل حالة ثلاث دقائق - فإن الممرض يحصل على 700 جنيه يوميًا تقريبًا، أي اننا نتكلم هنا عن 18 ألف جنيه شهريًا على الأقل، مقابل (لسه قدامك اتنين يا حاج .. اتفضلي يا مدام عزة .. الحجز بالتليفون يا كابتن).. هذه وظيفة تغريني انا نفسي، فلا غرابة في ان يفقد الممرض أي سيطرة له على نفسه ..
القاعدة واحدة وسارية في كل مكان. هات شخصًا جاهلاً غبيًا من أصل منحط – ولا أعني الثراء أو الفقر طبعًا - واعطه سلطة ، حتى لو كانت حراسة باب مبولة عمومية، ولسوف تطلق أقذر مكونات نفسه للخارج. إنه يصير الشيطان ذاته.
ينطبق هذا على الجميع . ينطبق على مخبر يحرس بوابة أو تومرجي في عيادة .. ينطبق على مسئول كبير أو أستاذ جامعي .. ينطبق على ضابط شرطة صار (باشا) يهابه الجميع .. ينطبق على مذيع يحتل ساعات مهمة في الفضائيات ولا يصدق أنه صار بهذه الأهمية ..
على الجانب الآخر تكتشف أن ذوي الأصول الكريمة - مهما كان فقر جذورهم - يزدادون رفقًا ونبلاً كلما ترقوا في سلم الحياة. وتجدهم يحرصون على أن يقوا من هم أصغر منهم أشواك الرحلة وغبارها. المؤسف ان فرصة السيطرة والنفوذ قلما تتاح لهؤلاء. الأحجار الكريمة نادرة في هذا العالم، لذا هي ثمينة عالية القيمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة نجاح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نجاح أول جهاز للتصدي لأشعة الليزر في العالم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى جامع السعادات :: الأدب و الثقافة :: الروايات و القصص-
انتقل الى: