قيم إستثمار الوقت الحر عند الشباب
د . محمد علي محمد
من الأمور الثابتة أن الإستغلال الكفء لأوقات الفراغ يسهم في تنمية شخصية متكاملة , فتلك الشخصية هي التي تتعدد إهتماماتها وقدراتها وتعرف كيف توازن بين متطلبات العمل , وبين الحاجة إلى الترويح , كما تستفيد من أوقات فراغها بما يعود عليها بالنفع من النواحي الجسمية والعقلية , والنفسية , والتعبيرية والجمالية , وإذا كانت نتائج الدراسة قد أشارت إلى نقص واضح في نسبة مشاركة الشباب في الوان النشاط المختلفة خلال أوقات فراغهم , فإنها قد كشفت عن رغبتهم الأكيدة في ضرورة توجيههم إجتماعيا نحو مجالات مفيدة لإستثمار هذا الوقت , كما عبرت مقترحاتهم عن هذه المجالات , عن إحساس عميق بالمسؤولية الإجتماعية , ورغبة في العمل من أجل رفع مستوياتهم الإقتصادية من جهة , والإسهام في تنمية المجتمع من جهة أخرى .
وحينما يتبنى الشباب قيمة العمل ويبحث عنها من خلال وقت فراغه فإن ذلك يعكس المجتمعية من جهة , كما يعبر عن سمة عامة من سمات الشباب ألا وهي رغبة الشباب في أكتشاف ذواتهم , وتأكيد شخصياتهم , وتميزهم عن مجتمع الصغار , والسعي نحو قبولهم في مجتمع الكبار , من جهة أخرى , ولذلك فإن أنشطة الفراغ يجب أن تتبنى فلسفة لا تقوم على مجرد شغل الوقت بأي شئ , وإنما تهتم بحقيقة وجوهر ومعنى هذا النشاط أو ذاك الذي تقدمه كفرصة من فرص قضاء وقت فراغ الشباب .
إذ يجب أن تتاح في هذه النشاطات كل إمكانيات التعبير عن ذاتهم , وإبراز مواهبهم وقدراتهم , وأغلب الظن أن المسابقات , ولابرامج الحالية لشغل وقت فراغ الشباب لم توضع على أسس علمية دقيقة تعكس فهما حقيقيا لطبيعة مرحلة الشباب وخصائصها , وربما يفسر ذلك إنخفاض معدل المشاركة والإقبال على هذه البرامج من جانب الشباب الجامعي , ويجب في الوقت ذاته , تشجيع المتفوقين والبارزين في مختلف ألوان النشاط وتكريمهم , فذلك من شأنه أن يكسب نشاطات الفراغ مزيدا من القيم الأيجابية في نظر الناس , كما يجعل من هؤلاء (نماذج يتطلع الشباب إلى تقليدها) , هكذا , تكون لنشاطات وقت الفراغ وظيفتها الهامة في إستبدال مواقف الكتب , واللامبالاة والصراع في المجتمع المحيط بالشباب , بأنشطة أخرى تحقق الذات , وتجلب المتعة والسرور .
إن الشعور بالإنتماء والإحساس بالمسؤولية و من القيم الأساسية التي يسعى إليها شبابنا , ويجدون فيها تعبيرا وإفصاحا عن رغباتهم , ويمكن وضع البرامج المختلفة الإجتماعية , والترويحية و والرياضية , والثقافية خلال وقت الفراغ لدعم هاتين القيمتين , ومن ثم يكون لوقت الفراغ دوره البنائي في المجتمع ككل , فلقد كشفت الدراسات عن أنشطة الفراغ والترويح المتنوعة , والقائمة على أسس مدروسة يمكن أن تلعب دورا بالغ الأهمية في توكيد قيم الانتماء والإشباع والإستقلال والمشاركة وذلك في مواجهة العديد من الإتجاهات والنزعات التي تقهر إنسانية جيل الشباب في هذا العصر .
هذا وقد كشفت الدراسة عن قيمة أخرى هامة , ألا وهي قيمة الألفة الأجتماعية التي تمثل أسلوبا من شائعا من أساليب قضاء وقت الفراغ بين الشباب الجامعي , ويعببر عن ذلك تأثير (ثقافة الشباب) التي توجههم نحو الإرتباط المعنوي بجماعات الرفاق و ونوصي في هذا الصدد بضرورة العمل على تهيئة ظروف إتصال الشباب برفاقهم من خلال نشاطات مختلفة كالرحلات الجماعية , والحفلات والمعسكرات الشبابية ذات الأهداف المتنوعة.