قتل رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي العميد وسام الحسن في تفجير ضخم استهدفه الجمعة، حمل زعيم المعارضة سعد الحريري الرئيس السوري بشار الاسد مسؤوليته.
ومساء الجمعة، طالبت المعارضة اللبنانية الممثلة بقوى 14 اذار باستقالة الحكومة التي يتراسها نجيب ميقاتي.
واورد بيان تلاه أحمد الحريري، الامين العام لتيار المستقبل احد ابرز احزاب المعارضة، "هذه الحكومة مطالبة بالرحيل ورئيس الحكومة (ميقاتي) مدعو شخصيا الى تقديم استقالته فورا"، وذلك اثر اجتماع طارىء عقدته قوى المعارضة في منزل رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في وسط بيروت.
والانفجار الذي ادى الى مقتل ثمانية اشخاص بينهم الحسن واصابة 86 اخرين وفق مصدر حكومي، خلف دمارا كبيرا في حي سكني في منطقة الاشرفية في شرق بيروت.
ويثير هذا التفجير مخاوف من عودة موجة الاغتيالات التي شهدها لبنان بين العامين 2005 و2008 واستهدفت شخصيات مناهضة للنظام السوري، كما انه ياتي بعدما اعرب الامين العام للامم المتحدة عن قلقه الشديد ازاء تاثير الازمة السورية على لبنان.
والتفجير استهدف الحسن الذي يعد من كبار الضباط السنة ومقربا من سعد الحريري، كما كان مرشحا لتولي قيادة قوى الامن الداخلي بعد تقاعد مديرها الحالي اللواء اشرف ريفي.
وكان لفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي الدور الابرز مؤخرا في كشف مخطط تفجير في لبنان اتهم به النظام السوري والوزير اللبناني الاسبق الموقوف ميشال سماحة.
وادى الفرع دورا اساسيا في التحقيق في سلسلة الجرائم التي استهدفت شخصيات سياسية لبنانية معارضة لسوريا بين العامين 2005 و2008، ابرزهم رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 200.
وسبق لضباط كبار في الفرع ان استهدفوا بتفجيرات، آخرهم الرائد وسام عيد الذي اغتيل في كانون الثاني/يناير 2008 ويعزى اليه الفضل في التقنية التي كشفت شبكة من الارقام الهاتفية التي يعتقد ان حامليها مسؤولون عن تنفيذ اغتيال الحريري.
وقال رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري في اتصال هاتفي مع قناة "المستقبل" التلفزيونية "اتهم بشار حافظ الاسد باغتيال وسام الحسن".
من جهة اخرى، قال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لوكالة فرانس برس "اتهم علنا بشار الاسد ونظامه بقتل وسام الحسن".
كما اتهم المجلس الوطني السوري المعارض "نظام القتل الاجرامي الاسدي" بقتل العميد الحسن. وجاء في بيان للمجلس "نعلم علم اليقين بصمات من تحمل هذه الأفعال الاجرامية البشعة، ولصالح من ترتكب، إنه بدون شك نظام القتل الإجرامي الأسدي وأتباعه في لبنان".
والانفجار القوي الذي وقع الجمعة هو الاول من نوعه في بيروت منذ العام 2008 حين اغتيل الرائد عيد الضابط في شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي، كما انه يثير مخاوف من احتمال توسع رقعة النزاع السوري الى لبنان.
وسارعت سوريا التي تشهد انتفاضة منذ 19 شهرا ضد نظام الرئيس السوري الى ادانة هذا الاعتداء معتبرة انه عمل "ارهابي جبان"، بحسب ما افادت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا).
وقالت الوكالة ان "وزير الاعلام عمران الزعبي دان العمل الارهابي الجبان الذي تعرضت له ساحة ساسين بالاشرفية في بيروت". ونقلت الوكالة عن الزعبي قوله "ان هذه التفجيرات الارهابية مدانة اينما حدثت وليس هناك ما يبررها".
واجمعت الطبقة السياسية اللبنانية المنقسمة بين مؤيد ومعارض للنظام السوري على ادانة الاعتداء.
وقال سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية المسيحي المعارض، ان الحسن استهدف "لأنه اوقف ميشال سماحة"، المتهم مع مدير مكتب الامن الوطني السوري اللواء علي مملوك من القضاء اللبناني، بالتخطيط لتفجيرات في لبنان.
من جهته عبر رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون المتحالف مع حزب الله عن ادانته الشديدة لاغتيال العميد الحسن وقال "ندين بقوة هذا الإجرام ورحمة الله على الحسن وشهداء الأشرفية". واكد عون ان "المرحلة صعبة والجريمة تستهدف استقرار لبنان" داعيا "جميع اللبنانيين الى التفكير بروية والى التصرف بحكمة وروية وبرودة اعصاب".
ودان حزب الله في بيان بشدة "الجريمة النكراء التي استهدفت العميد وسام الحسن" معتبرا انها "محاولة آثمة لإستهداف الاستقرار وضرب الوحدة الوطنية"، داعيا الأجهزة الأمنية والقضائية إلى "استنفار أقصى الجهود والطاقات لوضع اليد على الجريمة وكشف الفاعلين وتقديمهم إلى العدالة".
وليلا شهدت مناطق في بيروت وطرابلس (شمال) ذات الغالبية السنية، قطع طرق واحراق اطارات مشتعلة احتجاجا على اغتيال الحسن، بحسب مصور فرانس برس.
كما افاد مراسل وكالة فرانس برس ان طريق المصنع قبل المعبر الحدودي مع سوريا اغلقت بالاطارات المشتعلة.
وفي ردود الفعل الدولية، ندد مجلس الامن الدولي "بشدة بالاعتداء الارهابي" الذي ارتكب في بيروت وادى الى مقتل وسام الحسن وسبعة اشخاص اخرين، وحض اللبنانيين على "المحافظة على الوحدة الوطنية".
وشدد المجلس على ضرورة "ملاحقة المسؤولين عن هذه الجريمة ومن اعدوا لها ووفروا لها الدعم المالي امام القضاء"، مؤكدا عزمه على دعم جهود الحكومة اللبنانية في هذا الصدد.
وفي بيان منفصل، دان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاعتداء مطالبا "بتحقيق معمق" وداعيا اللبنانيين الى "الهدوء وضبط النفس".
وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي في البيت الابيض تومي فيتور في بيان "ندين باشد العبارات الاعتداء الارهابي الذي اسفر عن مقتل رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي في لبنان وسام الحسن".
واضاف فيتور "لا شيء يبرر اللجوء الى الاغتيال السياسي".
وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان ان "الرئيس فرنسوا هولاند يدعو كل المسؤولين السياسيين اللبنانيين الى الحفاظ على وحدة لبنان وحمايته من كل محاولات زعزعة الاستقرار من اي جهة اتت".
واضافت الرئاسة الفرنسية ان "فرنسا تامل بكشف الحقيقة كاملة حول هذا العمل الارهابي وتذكر بالتزامها امن واستقرار واستقلال وسيادة لبنان".
بدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الى "القيام بكل ما هو ممكن للحفاظ على وحدة لبنان وسلامه في وجه المحاولات الهادفة الى زعزعة استقرار البلاد"، مشددا على "تمسك فرنسا بالتصدي للافلات من العقاب".
وندد الفاتيكان بشدة بالانفجار واعتبر في بيان ان "الاعتداء الذي وقع في بيروت يستحق اشد ادانة لانه عنف دموي عبثي". واضاف ان هذا الاعتداء "يتعارض مع الجهود والالتزامات بالحفاظ على تعايش سلمي في لبنان".
من جانبها اعربت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون عن "ادانتها الشديدة" للاعتداء داعية اللبنانيين الى عدم السماح له بزعزعة استقرار البلاد.
وقالت اشتون في بيان ان "هذا الهجوم الصادم يتناقض بقوة مع الجهود المبذولة مؤخرا لاعادة اعمار هذا البلد، ضمان استقراره، تدعيم شعور الوحدة الوطنية والترويج لثقافة الحوار".
وتابعت "مرتكبو هذه الجريمة يجب ان يلاحقوا ويحالوا الى العدالة"، داعية "جميع اللبنانيين الى الحفاظ على هدوئهم والقيام بما يلزم كي لا يزعزع هذا الهجوم البلاد".
وأكدت ان الاتحاد الاوروبي "سيواصل الدعم الكامل للجهود في سبيل امن لبنان ووحدته وهما ضروريان لاستقرار المنطقة".
كما دانت كندا "بقوة" الاعتداء واصفة اياه بانه "عمل ارهابي جبان". وابدت وزارة الخارجية الاميركية شعورها "بالهول والقلق الشديد".
من جهتها اظهرت البرازيل "المها وتضامنها مع عائلات الضحايا"، في حين قدمت المكسيك "اصدق تعازيها للشعب والحكومة اللبنانيين اضافة الى عائلات الضحايا"، مؤكدة "رفض الارهاب بكل اشكاله وتجلياته".
وعربيا، دانت مصر التفجير. ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط ان وزير الخارجية المصري محمد عمرو "ادان التفجير الذي شهدته العاصمة اللبنانية بيروت اليوم مخلفا عشرات القتلى والمصابين".
ودانت الحكومة الاردنية حادث التفجير، مؤكدة رفضها "كل اشكال الارهاب والعنف".
وعبر وزير الدولة لشؤون الاعلام وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة سميح المعايطة عن "ادانة المملكة ورفضها حادث التفجير الذي وقع في العاصمة اللبنانية بيروت مساء الجمعة".
واكد لفرانس برس "موقف الاردن الثابت الرافض لكل اشكال الارهاب والعنف ايا كان مصدره ومنطلقاته".