(رحلة التسعة والثلاثين عاماً للملكة عالية):
عالية.. أول وآخر ملكة في العراق لم تحصل امرأة على لقب (ملكة) في تاريخ العراق المعاصر سوى الملكة عالية التي حصلت عليه بعد زواجها من ابن عمها الملك غازي في اليوم الخامس والعشرين من كانون الثاني العام 1933.
والملكة عالية ليست زوجة ملك فحسب.. وإنما من عائلة مالكة.. فأبوها هو الملك علي بن الحسين.. وعمها الملك عبد الله.. والملك فيصل الأول.. وجدها الشريف حسين.. أما أخوها فهو الوصي عبد الإله الوصي على عهد العراق ما بين (1939 ــ 1953).. وهناك ابنها الملك فيصل الثاني.
نشأتها:
ولدت الملكة عالية في صبيحة يوم 19 كانون الثاني العام 1911 في حارة الفشاشية بمكة المكرمة.. وكان أبوها حينها في إحدى الغزوات خارج مكة.
وعندما بلغت اليوم السابع من عمرها سماها جدها الشريف حسين بن علي عالية.. وعندما بلغت الأربعين يوما من عمرها.. أخذت كعادة أهل مكة للطواف بها في البيت الحرام.
وفي يوم 11 آذار العام 1925 وصل الملك علي بن الحسين الى العراق.. وبعد ثلاثة أشهر من وصوله.. دعا الملك فيصل الأول ملك العراق.. الأمير عبد الإله وعائلته الى المجيء الى بغداد كي يكونوا بالقرب من والدهم الملك علي.
عالية في بغداد:
وفي بغداد اختير للملكة عالية ولشقيقاتها معلمات عراقيات.. اختار بعضهن عمهنً والبعض الآخر والدتهنً.. التي لم تبخل طيلة حياتها في تدريسهنً.. وإنشائهنً.. النشأة التي تليق بالعربيات الكريمات.
منح فيصل أخاه (عليا) مقاطعة زراعية في مدينة الصويرة.. وكانت تلك المقاطعة صحراوية في غالبيتها.. لكن باستعمال مضخات الري وجرارات الحراثة وآلات الحصاد.. التي استخدمت آنذاك حديثا.. حيث غدت تلك المقاطعة ذات قيمة.. وقد كان الملك علي وزوجته وولده وبناته يمكثون هناك أياما بقصد البحث في تحسينها.. ولقضاء بعض الوقت في أجواء مغايرة لأجواء المدينة.
الزواج:
في الساعة التاسعة من مساء يوم الخميس 25 كانون الأول / ديسمبر/ العام 1934 تم زفاف الملكة عالية لابن عمها غازي الأول ملك العراق.. وأذاع مجلس الوزراء العراقي بيانا بهذه المناسبة جاء فيه:
بمنته تعالى لقد تم قران صاحب الجلالة غازي الأول ملك العراق على حضرة صاحبة الجلالة الملكة عالية بنت عمه الملك علي المعظم ملك الحجاز السابق في القصر الملكي العامر في عاصمة ملكه العراق.
والحقيقة إن مراسيم عقد القران للملكة عالية للملك غازي تمت بعد عشرة أيام من تتويجه وذلك يوم 18 أيلول العام 1933.. وقد اقتصر حضور الحفل على أقارب العروسين حيث كانت حالة الحداد معلنة بمناسبة وفاة الملك فيصل الأول.
ـ تم الزفاف ببساطة.. واكتفى العروسان بدعوة رؤساء الوزارات السابقين وأعضاء الوزارة القائمة آنذاك وبعض الشخصيات لتناول العشاء على مائدة الملك ووزعت النقود على الفقراء والمحتاجين في سائر أنحاء العراق.
قصة الزواج:
يذكر ناجي شوكت احد رؤساء الوزراء السابقون انه في أواخر العام 1934 تلقيتُ مكالمة هاتفية من ديوان الرئاسة لحضور جلسة مستعجلة فوق العادة يعقدها مجلس الوزراء في ذلك اليوم.. ولما حضرتُ وجدتُ نوري السعيد في حالة هياج شديد وهو يقول:
"هاي العايزة.. يصبح ياسين عم الملك".. ثم اتضح إن الملك غازي كان يرجح أن يكون اقترانه بإحدى كريمات ياسين الهاشمي على اقترانه بكريمة عمه.. وظهر بعد ذلك إن هناك علاقة بين كريمات الهاشمي وبنات الملك فيصل.. أي شقيقات الملك غازي.
وقد تكون أخوات الملك حبذنً لاخيهنً الاقتران بإحدى كريمات ياسين الهاشمي.. لهذا دعيً المجلس الى الانعقاد في جلسة خاصة وسرية لمعالجة هذه المسالة.
وبعد أخذ ورد تقرر إقناع الملك غازي بضرورة العدول عن الاقتران بكريمة الهاشمي والاقتران بكريمة عمه.
حياتهما الزوجية:
ـ انتقلت الملكة عالية الى مقرها الجديد في قصر الزهور.. حيث أخذت تتلقى دروساً في العلوم والثقافة والآداب من قبل مدرسين ومدرسات أكفاء.
ـ انتهى الحمل الأول للملكة عالية بالإسقاط في مساء 19 أيار العام 1934.
ـ وقد وجه طبيب العائلة المالكة الدكتور هاري سندرسن كتاباً في اليوم التالي الى السكرتير الخاص للملك غازي جاء فيه:
سيدي إنني أسف جداً لان أؤكد لكم ما أخبرتكم به بان صحة جلالة الملكة قد أصيبت بسقوط الجنين في الليلة
البارحة.. لكنني سعيد بان أخبركم بان صحة جلالة الملكة جيدة الآن.. وأمل إن جلالتها سوف تستعيد في مدة قصيرة الصحة التي كانت تتمتع بها سابقا.. ولي الشرف في أن أكون خادمكم المطيع.
ـ وفعلاً استعادت الملكة عالية صحتها بعد مدة قصيرة وحملت ثانية.. وظلت تحت عناية كبيرة من قبل الدكتور نفسه.
التربية الأصيلة.. وقوة شخصية الملكة:
ـ في الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم الخميس 2 مايو 1935 ولدت الملكة عالية ابنها الوحيد فيصل.. وحالتها الصحية جيدة جداً.
ـ وقد كرست الملكة عالية نفسها لتربية طفلها الوحيد فيصل.. فكانت العين الساهرة عليه لا تتركه بعيداً عنها قط.. وكان فيصل من طفولته المبكرة يناديها بكلمة (ستي).. أي سيدتي كما يخاطب مربيته بكلمة "ماما".
ـ ورغم حبها الجم لابنها إلا إنها منذ الأيام الأولى لولادته أصرت على أن يعامل ابنها كأي طفل آخر دون خضوع له من المقربين حواليه.
ـ وقد حدث مرة وان خاطبه احد المرافقين بكلمة جلالتكم.. وحين سال لماذا استعمل هذه الكلمة أجاب المرافق لأنك أنت مليكي.
ـ واعتاد خدم القصر الملكي في أيام العيد أن يتسلموا الهدايا.. وكانت الملكة عالية تقوم بهذه المهمة.. ومنذ بلوغه
الخامسة من عمره ظنت عالية أن الوقت قد حان لكي يقوم فيصل بنفسه بتسليم الهدايا.
وبعد أن أتم فيصل هذه المهمة وانصرف الخدم قال فيصل لامه "أهذا ما يفعله الملك؟".
عالية.. وانقلاب بكر صدقي:
ـ عندما وقع انقلاب بكر صدقي في صباح يوم الخميس 29 تشرين الأول العام 1936 حضر الدكتور سندرسن الى
قصر الزهور في صباح ذلك اليوم في الساعة العاشرة.. وكان يعتقد إن الملكة عالية على علم بذلك.. حيث يذكر
سندرسن إنها كانت على علم بالانقلاب إذ لم يظهر عليها الكثير من القلق.. لكن اتضح لي وأنا اعلم الكثير عن وضعها بأنها كانت مدركة لكل ذلك.. وإنها انضمت الى غازي مرتين خلال لحظات قلائل في الشرفة.. حيث كان يراقب منها الوضع بالناظور ذي الميدان القوي.
عالية .. ووفاة الملك:
عندما اصطدمت سيارة زوجها الملك غازي بعمود الكهرباء قرب القصر في ليلة الرابع من نيسان العام 1939.. وأدى الحادث الى وفاته كانت الملكة عالية صابرة وهادئة وواجهت الموقف برباطة جأش.
ـ وقد تم الاتصال بالدكتور سندرسن على الفور فوصل القصر بسرعة.. ويذكر الدكتور سندرسن: ولكني لدهشتي
وجدتُ القصر في ظلام شامل.. وحين سالتُ قالوا لي إن الحادث الذي وقع للملك أدى الى انقطاع الكهرباء.. وكان
يحيط بالملكة عالية آخرون من أفراد العائلة المالكة.. ومن ورائهم حشد من المتابعين وجمع من الخدم الباكين.. وحين اعترفتُ لها بشدة الجروح.
طلبت إلي أن ازرفه بحقنة على أمل أن يصحو بما يكفي لكي يقول بأنه يخول عبد الإله سلطة الملوكية.. مادام فيصل الثاني لم يبلغ سن الرشد بعد.
نفذت ما طلبت مني لكن دون جدوى.. وكانت عالية جريئة جداً غير إن التابعين النائحين كانوا يضيفون إليها المزيد من الأسى.. ولقد أصرت على أن تغلق الأبواب وان توضع حراسة على كل باب منها.
وفي غضون عشرين دقيقة من وفاة الملك غازي عقد مجلس الوزراء جلسة طارئة أدلت فيها الملكة عالية والأميرة راجحة ابنة الملك فيصل الأول إفادة مشتركة جاء فيها:
إن جلالة الملك سبق له إن ذكر أمامنا في مناسبات عديدة سابقة بأنه إذا طرأ على حياته حادث فان الأمير عبد الإله يكون وصياً على نجله.
ـ يذكر الوزير علي الشرقي فيقول: إن نوري السعيد أوعز الى الملكة عالية أن ترفع كتاباً الى مجلس الوزراء المنعقد للنظر في إقامة وصي على العرش تشهد فيه إن زوجها الملك غازي قد أوصى إليها بذلك.
مواقف خطيرة في حياة عالية:
ـ عندما قامت حركة مايس 1941(حركة رشيد عالي الكيلاني).. تم قطع الاتصال الهاتفي عن الملكة عالية وبقية العائلة المالكة.. ومنع الزوار من الاقتراب إليهم.. في حين سمح للخدم بالمجيء الى القصر والقيام بواجباتهم.
ـ وقد اتخذت الإجراءات التي تتضمن سلامة الملك الطفل بوالدته.. وقررت حكومة الدفاع الوطني التي شكلت عقب قيام الحركة نقل الملك فيصل الثاني الى اربيل بصحبة الملكة عالية.. بعد هروب الأمير عبد الإله الى الخارج.. خشية أن يتعرض القصر الملكي للقصف بالطائرات البريطانية التي كانت تغير على بغداد في تلك المدة.
ـ نزلت العائلة في منزل الملا أفندي والد النائب عز الدين الملا.. ومكثوا أسبوعاً واحداً.. ثم عادوا جميعهم الى بغداد في الثالث من حزيران العام 1941 بعد فشل الحركة.
عالية.. والحرب العربية الصهيونية:
ـ عندما قامت الحرب العربية الصهيونية العام 1948 ودخلت القوات العراقية الى فلسطين ذهبت الملكة عالية مع بقية نساء الأسرة المالكة الى جبهة القتال لأول مرة.. وأسهمنً في إقامة الأسواق الخيرية ووحدات الهلال الأحمر.. وقد تأثرت القوات العراقية بالغ التأثير.. كما سرً الجرحى لوجود نساء العائلة المالكة بينهم.. يقدمنً لهم المساعدة.. ويسهمنً في معالجة الجرحى.
صفاتها وعاداتها:
كانت الملكة عالية نحيفة القوام.. ذات عينين واسعتين.. ووجه بيضوي.. هادئة الطبع مرحة.. وذات حلاوة في خلقها وفي نطقها.. وتجدها باسمة دوماً.. كما كانت ذات ذكاء نادر وحساسية ملحوظة.. وهي متعلقة بوالدتها الملكة نفيسة منذ الصغر ولم تفارقها في حياتها.. وكانت تحبها وتحترمها كثيراً.
كما كانت الملكة عالية تحب الورد.. فهي التي أدخلت لأول مرة الى العراق وردة (انيثينا).. وأطلقت عليها اسم الأميرة لنضارتها وكبريائها.. وطلبت من أمانة بغداد أن تعممها بين هواة الورد.. كما كانت الملكة عالية ذات تأثير على الملك غازي.. وهي مستودع ثقته وكان يعهد إليها بكل أسرارها.
ـ كانت امرأة نبيلة.. وزوجة مخلصة.. وأماً مدهشة.. وكانت مصدر حكمة سياسية ملحوظة.. الى درجة إن الأمير عبد الإله كان لا يقل عن ذلك مع بقية أفراد العائلة المالكة بعد نصيحتها الصائبة.. وكان يراها يومياً كلما استطاع الى ذلك سبيلاً.. ويبحث معظم مشاكله معها.
لقد زهدت في ريعان شبابها من بهرجة الحياة والملك.. وكرست كل جهودها بالسهر على طفلها وتربيته لإعداده إعداداً صالحا للملك.. ولم تشغل طرفة عين عن هذا الواجب.. حتى في شدة وطأة الداء عليها.. وقد وجهت نصيحتها الى فيصل:
"يا ابني اسمع عليك أن تحضر واجباتك المدرسية بنفسكَ.. لأنني مريضة.. وقد يطول مرضي.. أو يحين اجلي.. فليس لي وأنا في هذه الحال أن أرشدك كل ساعة عما يجب أن تفعل.. فأوصيك باغتنام الفرصة لتعليم نفسك وتثقيفها".
كانت لا تنسى قط أن تشكر كل من يقوم لها بخدمة مهما كانت ضئيلة حتى إنها لم تنس أن تشكر طبيبها الخاص ووصيفتها في اللحظات الأخيرة.. من عمرها وهي بين الوعي والإغماء.
مرضها:
منذ العام 1948 غدا عبد الإله شديد القلق على شقيقته عالية.. التي بدت حالتها الصحية تسوء من وقت لآخر فلقد كان يجدها مرة أو مرتين مضطجعة في منتصف النهار.. وحين كان يدخل عليها كانت تنهض جالسة.. وتقول له إنها لا تشكو من شيء.. لقد كنت متعبة نوعا ما.. وإنني اشعر الآن بالتحسن نتيجة الراحة.. وكان يأمل أن لا تكون مصابة بمرض وبيل.. لكن القدر كان يخفي عكس ما كان يأمله الأمير عبد الإله.
ـ أمضت الملكة عالية معظم العام 1949 والعام 1950 في انكلترا في منزل على مقربة من ستينس في لندن.. مع ولدها فيصل الثاني الذي كان يدرس آنذاك في كلية هارو.. واخذ وضعها الصحي يبعث على القلق.. وأجريت لها عمليتان جراحيتان خلال العام 1950.. لكن العمليتين لم تحققا أي أمل في الشفاء.. وثبت للأطباء إن مرضها هو السرطان الداخلي.
ولم يقع في وسع الأطباء إلا استعمال الحقن لتسهيل الألم التي يثيرها.. ذلك المرض الخبيث فلا دواء ولا وسيلة أخرى لإيقاف انتشاره.. وما يفعله من مضاعفات مميتة تنتشر في أجهزة الجسم.
ـ تقرر أن يكون في رعاية الملكة عالية المريضة الدكتور دكسن فرث.. والدكتور كمال السامرائي.. وان يسكنا في قصر الزهور ليكونا بالقرب منها وبخدمتها طوال الوقت.
ـ يقول الدكتور كمال السامرائي: لا أتذكر إن الملكة أشارت في يوم من الأيام الى طبيعة مرضها أو استفهمت عنه بشيء.. فتعبر عن مصيبتها بالاستغفار من الله والحمد له.. كما لا اذكر إنها خرجت يوماً عن شخصيتها المألوفة.. حتى في اشد نوبتها.. وكانت المسكنات في أيامها الأخيرة فقدت مفعولها.
وفاتها:
ـ يوم الأربعاء 20 كانون الأول العام 1950 اشتدت وطأة المرض على الملكة عالية.. وهنا طلبت والدتها وشقيقاتها وقالت لهنً "لي ثلاث أمانات لديكنً.. أرجو أن تحتفظنً بها كل الاحتفاظ.. أولاها: الاهتمام براحة أخي عبد الإله.. والتمسك به كل التمسك.. وثانيتها: فلذة كبدي وهو أمانتي عندكنً جميعا.. وثالثتها: أن تكن في خدمة هذا الشعب العراقي.. ما وسعتكنً الخدمة.. ثم تطلب أخاها وتخبره بما قالت لهن وتوصيه بدوره بنفس الوصية ويطمئنها الجميع بشتى أنواع التطمين.
ـ في الساعة الثامنة من صباح يوم الخميس 21 من كانون الأول العام 1950 استدعي الدكتور كمال السامرائي على عجل الى حجرة الملكة عالية.. وعند بابها وجد الأميرة نفيسة ووجهها شاحب.. وفي الداخل كانت وصيفة الملكة تحمل بيمينها مصحفاً كريماً.
ـ وكانت الملكة متمددة على سريرها في حالة بين الوعي والإغماء.. وأشارت الى الدكتور السامرائي الى أن يقترب إليها.. وقالت له بصوت خافت متقطع أنهضني.. فتم لها ذلك بمعاونة الدكتور ووصيفتها عزة.. حيث أسندت على الوسادة في فراشها.. وشكرتهم بعينها وتمتمت الشهادة.
ـ وفي تلك اللحظة تقيأت فاخذ الدكتور المنشفة ..التي كانت دوما موضوعة في متناول يدها.. ومسح بها فمها وصدرها.. ومما سال عليهما من القيء.. ولم تنس حتى تلك اللحظة أن تشكره.. وهي في حالة شديدة من الإعياء.. ثم أسدلت جفنيها برهة.. وطلبت أن ترى أمها نفيسة ودخلت أمها ووقفت الى جانب سريرها.. فمدت إليها الملكة يدها ببطء.. وجذبت يد أمها الى فمها فقبلتها وجها وقفى.. وقالت:
ـ اغفري ليً يا أمي إذا كنتُ قد غلطتُ معك في يوم من الأيام.. ولم ترد عليها أمها بل انحنت وقبلتها وانسحبت بالحال وغادرت الغرفة.
ـ بعد أن التقطت الملكة عالية أنفاسها طلبت رؤية أختها عابدية.. فدخلت الأميرة عابدية ووقفت قريبة من الفراش.
ـ طلبت منها الملكة عالية أن تقترب من الفراش.. وقالت تخاطبها:
ـ انكِ أختي كثيرة الأفضال عليً في تربية فيصل.. وأنا اطلب منك أن تبقي أمه بعد وفاتي.. كما كنت أمه دوما.
ـ وسكتت قليلا لتقول.. أريد أن أرى بديعة فدخلت الأميرة بديعة.. وقبلت أختها المريضة.. وقالت لها: أوصيكِ يا أختي أن تعتني بزوجكِ فهو رجل طيب كما أنتِ طيبة.
ـ بعد ذلك بدت الملكة وكأنها تصحو من كابوس.. ودب فيها النشاط ..وطلبت رؤية أخيها عبد الإله.. فجاءها بعجلة
وقلق وارتمى على قدمي أخته الملكة.. دون أن ينبس بكلمة.. فسحبت الملكة رجليها.. وهي تقول استغفر الله يا أخي عبد الإله كان ابني فيصل يتيم الأب وعما قريب سيكون يتيم الأم أيضا.. فعدني أن تكون له أباً وأما لأغفر لك كل ما مضى.
ـ أراد عبد الإله أن يقاطعها.. إلا إنها ردته بحزم.. عدني أمام الدكتور.. فهو شاهدي في دار البقاء.. وكررت ذلك مرتين.. فتمتم بالوعد وخرج من الحجرة.. وهي تتبعه بنظراتها الباردة.
ـ ثم تساءلت الملكة؟ هل اطلب فيصل لأراه؟ ثم أردفت قائلة مع نفسها لا فقد يكون نائماً.. وطلبت صورة الملك الموضوعة في إطار فضي عند رأس سريرها.. فأخذت الصورة وقبلتها بحنان.
ـ أعقب ذلك اضطراب في تناسق أنفاسها وهو من علامات الاحتضار وبعد نصف ساعة لفظت أنفاسها الأخيرة.. وانتقلت الملكة عالية الى الرفيق الأعلى.. واظهر الملك فيصل الثاني اليتيم ضبط الأعصاب على الرغم من صغر سنة أكثر.. مما أظهر الأمير عبد الإله وباقي أفراد العائلة المالكة.
=AZU2-1OL0dT79dLng6H7AP8Ll5K-aV3swSuRHvtQtooPHtwbZeoS72J4EpkFpXrNerPJg0fCyup4Sgb1AGFgk7e07AFULpsCtq07uw9nL4zNyHIVUsUfJPPcidM9ddfpq60&__tn__=R]-R][size=11]د. هادي حسن عليوي
[/size]