الصلاة وحقوق الإنسان
يرى الكثيرون أن في الصلاة تدريبا على أمور كثيرة تنفع الإنسان في حياته...ومنها:
1- التنظيم والتوقيت...فهي في خمس أوقات طرف النهار وأوله وأخره ووسطه والأنسان المنظم هو الإنسان الصالح إجتماعيا وسياسيا والصلاة عندما يؤذن الأذان فيسمعه المسلم وغير المسلم فيجتمع المسلمون للصلاة وبالتالي فتنظيم الوقت من أمور النجاح في الحياة بكل مرافقها السياسية والإجتماعية والإقتصادية .
2- في صلاة الجماعة يتم انتخاب الأمام وفق شروط وصفات خاصة وقد يرفض الفرد أمامة أخيه الذي يفتقد إلى الشروط ويرضى بأمامة الأحسن والأفضل وبالتالي فهي ترتيب وتدريب على اختيار الكفاءة السياسية والإجتماعية والحقوقية , وان اختيار الأكفأ هو ليس سببا لقبول الأعمال العبادية بل لنجاح الأعمال الدنيوية , والمواصفات تعلم عزيزي الفرد على السمات الواجب البحث عنها لدى اختيار الأكفأ للوظائف .
3- الصلاة فريضة على الرجل والمرأة على حد سواء والشروط العامة تقريبا واحدة مثلما يكون الرجل أماما للرجل والمرأة فالمرأة أيضا بأمكانها أن تكون إماما لمجموعة النساء وهذا تدريب على أمور:
1- القيادة وشروطها وأهمية الحفاظ على سماتها .
2- المسؤولية واحدة على كلا الجنسين عند تولي الكفاءة .
3- تساوي التكاليف والواجبات بين الجنسين وبالتالي تساوي الثواب والعقاب دليلا على تساوي المقام الإنساني لكلا االجنسين فالرجل ليس أعلى من المرأة إنسانيا بهيئته البشرية ونوعه الذكوري إنما الإثنين يتفاضلان بالتقوى (أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
4- طرح المفهوم الصحيح للتحرر بأنه تحرر ذاتي من كل أشكال الرق والإستعباد فالفرد إذا قام للصلاة بين يدي واحد مطلق وكذلك فعل الكثيرون فهم أحرار لأن العبودية لله تعني الأرتقاء عن كل أشكال الإستغلال والرق والعبودية الدنيوية وهذا الإرتقاء يشكل عاملا مهما من عوامل البناء النفسي للفرد فهو يدفعه نحو الإبداع بكل أشكاله ونحو المطالبة بحقوق الآخرين والدفاع عن المظلومين.
5- الصلاة تدريب على الديمقارطية.
والديمقراطية كنظام تمنح الفرد حرية الرأي والأختيار وفي الصلاة وخاصة صلاة الجماعة له الحق أن يبدي رأيه في القبول بإمامة فلان أو لا , وفي الصلاة في المكان الذي يختاره وربما يرفض مكانا عاما ويؤثر البيت لأسباب تتعلق بأمور نفسية واضحة ثم أن هذه الديمقراطية تتضح من خلال ترك الأمور الدنيوية والذهاب للصلاة كحرية اختيار وحرية رأي ولهذا تلجأ الحكومات الظالمة إلى كبح هذه المفاهيم وتمنع الفرد من ترك العمل والتفرغ للصلاة كي تجرده من شعوره بالحرية الفردية التي هي مؤشرا واضحا من مؤشرات الديمقراطية ...
واختيار المساجد وتولية أمورها على مبادئ الشورى , ثم القيام بمشاريع فيها تنطلق من هذا الباب وكلها تشكل تدريبات سياسية .
6- الإهتمام بالطهارة البدنية
وهذه تترك آثارها على الهيئة الإجتماعية فليس هناك قبولا اجتماعيا لأنسان غير طاهر بدنيا أو ذو هيئة قذرة عليه التنظيف والتطهر للصلاة وهذا يؤثر على الشرائح الإجتماعية عموما وبالتالي يكون مظهر المجتمع مظهرا صحيا لا يؤثر على الفرد والواحد إنما على عموم الإفراد وبالتالي فهي إحدى التدريبات الصحية الناجحة التي تأتي من باب الإلزام والقبول , ثم إن الطهارة البدنية هي توجيه غير مباشر إلى طهارة ذاتية فالله لا ينظر إلى أجسادكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وبالتالي فإن مراقبة العبد لقلبه على الإقل وقت الصلاة 5 مرات يوميا يكون بمثابة عملية تصفية وتلقين نحو التطهيرالباطني والذي أشارت إليه الآية الكريمة (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) وبالتالي فكل العمليات مرفوضة إجتماعيا وهي واحدة من مساوئ الفحشاء والمنكر الذي إن بقي فهو مؤشر على عدم استيعاب مفاهيم الصلاة.
7- أو ما يتعلمه الأولاد من الدين الصلاة وهذا هو المنهج السلوكي المعاصر , فإذا أصبح سلوك الأولاد الأول هو الصلاة فهذا هو الطريق نحو الله لأن الصلاة هي الوعاء الذي يحمل تعاليم الإسلام إلى المصلي بتلاوة القرآن , ثم هي تربية على روح الجماعة على وعلى إحترام الوقت والإحساس بقيمته , ليس هذا فحسب بل أنها تعطيه هويته الواضحة التي يسير عليها مستقبلا وهي هويته الإسلامية الصريحة وتعلمه أن يتخلى عن وقت اللعب والمتعة لما فيه رضا الله وهو الصلاة , وأن يهتم بتعلم أحكام الطهارة والنجاسة وغيرها كما أنها تبصره على ظرورة المشاركة الجماعية والتماسك الإجتماعي مع الآخرين .
8- تساهم الصلاة في تخفيف الآثار الحاصلة من السوانح الكونية كالخسوف والكسوف والزلازل على نفسية الأفراد فمن خلال قيامهم لصلاة الآيات مثلا سوف يتبصرون بالأمور الكونية كما أن التواصل الجماعي يساهم في تخفيف حدة الخوف لدى الأفراد ..بالأضافة إلى أن التجمع البشري نفسه يكون فرصة لزيادة التحالف بين أفراد المجتمع الواحد.
9- الصلاة تساهم في تقوية الإحساس بالهوية الذاتية للأفراد وبالسعي للحفاظ عليها وهذه تعتبر واحدة من أهم معضلات الإنسان المسلم المعاصر في الحفاظ على الهوية وفي أداء ما تتطلبه منه كالصلاة على وقتها , وأداء الصلاة الواجبة الأخرى , وبالتالي فللمسلمين علامات منها صلاتهم وهذا ما جعلهم يقومون يقومون ببناء المساجد في كل مكان حطوا فيه ليكون ذلك علامة على وجود هوية إسلامية واضحة وصريحة توجب الإحترام لها إنطلاقا من مواثيق حقوق الإنسان.
10- بعض الصلوات تعرف بحقوق الآخرين وكيفية إحترامها مثل الصلاة على الميت التي تعلمنا بحقوق الموتى فهي ليس نهاية بترك الجسد مسجى على الأرض بل لابد من أداء حقوق الميت كاملة في الغسيل والتكفين والتحنيط والدفن والصلاة وغيرها وهي بالتالي تربية للآخرين على إحترام حقوق الموتى.
11- هناك من الصلوات مايزيد من التعرف بحقوق الجماعة مثل صلاة الإستسقاء والتي توجب على الأفراد المصلين التوجه بالدعاء والرجاء لكي ينزل المطر ...تعلم هؤلاء الأشخاص بأهمية التوجه نحو الله وأصل الصلاة من الصلة بين العبد وربه ,وهي تقوي الروح المعنوية وروح الجماعة , وهي توجههم للتفكر بشؤون مجتمعاتهم وتحسينها.