تعريف بالدولة الاسلاميّة
من المفيد هنا أنْ نُعرّفَ بالدولة الاسلاميّة ، في عصر الغيبة ونُعطِيَ تصوّراً موجزاً لها . إنّ مفهوم الدولة الاسلاميّة مفهوم واضح ومحدّد في الفكر الاسلامي وتشريعه .
وفيما يلي نوضِّح أهم مرتكزات الحكم والسياسة في الدولة الاسلامية في عصر الغيبة ((65)) ، وهي :
1 ـ إنّ السلطة والحاكميةَ لله وحدَهُ .
2 ـ إنّها دولةٌ فكريةٌ عقائدية ، تقوم على أساس العقيدة والاحكام الاسلامية .
3 ـ إنّها دولة قانونية ، أي إنّ الحكم والسيادة فيها للقانون الالهي (قانون الحقّ والعدل) .
4 ـ إنّ الحكمَ والسلطَة أمانةٌ بيد الحاكم ، فالجهازُ الحاكم ، جهازٌ مُنَفِّذٌ ، ومُؤتَمَنٌ على المبادئ والقيم الانسانية ومصالح الاُمّة وأهدافها الخيِّرة في الحياة ، قال تعالى :
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا ا لاَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) . (النِّساء / 58)
وليست إرادة الحاكم هي الحكم والتشريع .
5 ـ إنّ الاُمّة هي صاحبةُ الحقّ في السلطة ، وتختارُ ولاةَ الاُمور عن طريق الشورى ، واختيارِ الكُفْءِ والاصلحِ ، قال تعالى :
(وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) . (الشورى / 38)
6 ـ إنّ النقدَ ومُحاسبةَ السلطة،حقٌّ للاُمّة ، فليسَ في الاسلام تسلّطٌ ولا استبدادٌ سياسي ، قال تعالى موجِّهاً نبيّه الكريمَ نحو الشورى ، لِيُرَبِّيَ اُمّتَهُ ويُعِدَّها وفقَ هذا المنهج السياسي :
(وَشَاوِرْهُمْ فِي ا لاَْمْر ) . (آل عمران / 159)
كما أوضح القرآن هذا الحقَّ بقوله :
(وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَولِياءُ بَعْض يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَونَ عَنِ المُنْكَرِ). (التوبة / 71)
7 ـ إنّ للحاكم الاسلامي صلاحيات تشريعيةً محدودةٌ بحدود تقدير المصالح والمفاسد، والمصطلح عليها بمنطقة الفراغ، فقد تركَ للحكومة الاسلامية منطقةً تشريعية محـدّدة ، متغيِّرة على أساس ( جلب المصالح ودرء المفاسد ) ، وله أنْ يُصدِرَ الاحكامَ الثانوية بعد أنْ يشخِّصَ المصلحةَ في موضوعاتها، في المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والصحِّيّة والاداريّة والامنيّة والعسكريّة ... إلخ ، كفرضِ الضرائب الاضافية ، ومنع استيراد أو تصدير بعض السلع والمواد والعملات، وتحديد الاسعار، إذا دعت الضرورة الاقتصاديّة إلى ذلك ، وكالالزام بقوانين تنظيم المرور والتجارة والتعليم والبلديات ... إلخ .
وينبغي الاشارة إلى أنّ الاحكام الاسلامية هي أحكام إلهيّة ، مصدرُها القرآنُ الكريم والسنّة المطهّرة ، وأنّ الاجتهادَ يُساهمُ باستنباط التشريعات المختلفة الّتي لم يُصرَّحْ بها في الكتاب والسنّة المطهّرة، وهو من صلاحيات الفقيه القادر على الاستنباط، العارف بالاوضاع والشؤون الاجتماعية والموضوعية الّتي تعيشها الاُمّة .
8 ـ المسلمون جميعاً مُلزَمون بطاعة الحكومةِ الاسلاميةِ بشرطِ التزامِها بكتابِ الله وسُنّةِ رسول الله (ص) ، قال تعالى :
(أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي ا لاَْمْرِ مِنْكُمْ ) . (النِّساء / 59)
وقال سبحانه :
(وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى ا لَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّار ) . (هود / 113)
وروي عن الرسول الهادي محمّد (ص) ، قوله :
« لا طاعةَ لِمَـخلوق في مَعصيةِ الخالق » (66) .
9 ـ إذا انحرفَ الحاكِمُ عن الاسلام، فلا طاعةَ له ، وعلى المسلمين خَلعُهُ واستِبْدالُهُ بحاكم عادل كُفْء .
هذه هي أهم المرتكزات الّتي تقوم عليها الدولة الاسلاميّة .
( والحمد لله ربّ العالمين )