شخصيات بغدادية ظريفة

شخصيات بغدادية ظريفة

19/6/2012 1:22 صباحا  بغداد - الصباح تلتقي الظرافة بالفكاهة والمداعبة بالمرح فيصبح الناتج ظهور انسان ظريف يميل الى الاستمتاع بالحياة بدون أي تعقيد يعكر صفوها ويلوث هواءها وبيئتها ، وهذا ناجم عن كيفية تكوينه السايكولوجي . ان التكوين السايكولوجي هذا يمنح صاحبه صفة التفكه والمرح والظرافة حيث تمنحه هذه الصفة التعامل مع النكتة بسرعة بديهيته ومستوى اريحيته ودرجة شهامته، وقدرته على اضحاك الاخرين . ان الضحك المتتالي على شكل قهقهات مترادفة كثيراً ما يساعد على تنشيط جسم الانسان الضاحك لدخول كميات متلاحقة من الاوكسجين الى جوف الضاحك بالعكس تماماً من الحزن والاكتئاب الذي يهدم حياة الانسان حيث لا يرى غير الجانب المظلم من الحياة فيكثر من التأفف والتذمر والتأسي. وهذا يعني ان المرح حاجة اساسية في حياة الانسان حيث يصبح الفرح غذاءً روحياً يتساوى مع قيمة الغذاء المادي ضمن وجبات التغذية الاعتيادية ، ومن هذه الشخصيات المرحة الفكهة شخصية ابراهيم عرب التي كانت تتعامل مع النكتة والدعابة والسرد المبالغ فيه والتعليق اللاذع احياناً . ابراهيم عرب كان قهوجيا يلتقي في مقهاه مختلف انواع الامزجة وتباين الثقافات واختلاف ومستويات المعيشة . مقهاه الاولى كانت في (الكرنتينة) في الجهة الاقرب الى باب المعظم بعدها انتقل الى راغبة خاتون في الاعظمية حيث فتح مقهى في الشارع الرئيس فيها. يتمتع ابراهيم عرب بسرعة البديهية والسرد المبالغ فيه بدرجة عالية جداً بلهجته البغدادية المحبوكة جداً التي يستطيع من خلالها مصادرة شخصية المستمع اليه ويجعله صاغياً اليه بكل جوارحه. . قال في احدى مبالغاته المفرطة : ان الباشا نوري السعيد كان عنده ضيوف اجانب فكلفه ان يصطاد له سمكة كبيرة فما كان منه الا ان القى السنارة (الشص) في نهر دجلة واصطاد السمكة المطلوبة بحيث ان نظارات نوري السعيد سقطت ارضاً من كثرة التحديق فيها علماً ان نوري السعيد كانت صوره تخلو من وضع النظارات على عينيه ، وسقوط النظارات كناية عن ان حجم السمكة كان كبيراً جداً بحيث اندهش الباشا . لكن ابراهيم عرب قطع ذيلها ورماها في النهر على امل ان يصيد للباشا سمكة اخرى اكبر حجماً من سابقتها . وبعد سنة جاء الباشا الى ابراهيم عرب متوسلاً ان يصيد له سمكة لنفس السبب السابق ، ورمى ابراهيم عرب سنارته في نهر دجلة واصطاد نفس السمكة التي قطع ذيلها ورماها في النهر . ومن مبالغات ابراهيم عرب التي لا يمكن تصديقها انه ذهب الى الهند لغرض المتاجرة وبعد ان اشترى ما يريد شرائه نفدت نقوده في وقت يريد فيه العودة الى بغداد لكنه استطاع بعد تفكير طويل ان يعمل قفصاً حديدياً ويصطاد مجموعة من العصافير وربط ارجل العصافير بالخيوط من جهة وبالقفص من الجهة الثانية ، وجلس هو داخل القفص فطارت العصافير وهي تقود القفص وابراهيم عرب يقدم لها (اللكط) على طول الطريق الى ان وصل بغداد . قد يأتي هذا الكلام تحت عنوان صدق او لا تصدق او هو نوع من الضحك على الذقون والاستخفاف بالمستمعين اليه حيث ان المستمعين اليه لا يستطيعون الرد عليه ومناقشته لان رده عليهم جارحاً الامر الذي يدفعهم الى الالتقاء لوحدهم بعيداً عنه ، ويتناولون سرد ابراهيم عرب بالنقد والضحك والتعليق اللاذع ، وهذا يفسر ان ابراهيم عرب قد هيأ لهم فرصة من الراحة والاستجمام والضحك المتتالي والشعور بالمرح والتمتع بلذة الفكاهة ولكن خارج دائرة بعيدة عن سماع قسوته بالرد على من يفند مبالغاته المفرطة  كونها غير قابلة للتصديق .

http://www.alsabaah.iq/ArticleShow.aspx?ID=29406