المشاكل التاريخية بين العراق وجيرانه من الدول

‏محسن حنيص‏ مع ‏‎Ayo Ub‎‏.

‏٧ أغسطس‏، الساعة ‏٥:١٨ م‏ · 


قانون تحرير العراق
.........................





هو القانون الذي شرعه مجلس الشيوخ الامريكي ( الكونغرس ) عام 1998، والذي بموجبه تم اسقاط نظام صدام، واحلال النظام الديمقراطي في العراق. في 5 اكتوبر عام 1998 صوت الكونغرس الامريكي على القانون بنعم ( 360 ) عضوا ، وبكلا ( 38 ) عضوا ، وامتناع ( 36 ) عن التصويت. وفي 30 اكتوبر 1998 وقع عليه الرئيس الامريكي بيل كلنتون.
القانون يثبت عددا من جرائم النظام السابق: حرب الثمان سنوات، الانفال، حلبجة، غزو الكويت، الاسلحة المحرمة، محاولة اغتيال الرئيس بوش، محاولة ثانية لغزو الكويت، اجتياح اربيل، عرقلة عمل مفتشي الامم المتحدة، ايقاف برنامج المراقبة الدولية. في هذا المقال سوف نركز على الحرب العراقية الايرانية. القانون يجرم صدام في شن الحرب على ايران. عمليا هذا القانون هو الذي حقق ما عجز الخميني ونظامه من تحقيقه طوال ربع قرن، منها ثمان سنوات حرب. ولو كان الايرانيون ( حكومة وشعبا) يملكون حدا ادنى من الخجل لجعلوا من هذا القانون نصا مقدسا، بدل شعارهم المخزي ( مرگ بر امريكا ) اي: الموت لامريكا. ثم امتد انعدام الخلق الى العراقيين، بما فيهم ضحايا صدام.
امريكا هي التي قضت على نظام صدام عام 2003، بعد 35 عاما عجزت خلالها جميع وسائل العراقيين وتضحياتهم الجسيمة: من مؤامرات، وحرب طاحنة 8 سنوات، ومعارضة في الخارج، الى انتفاضات، ونضال في الجبال، وتضحيات في السجون، وتضرعات في شبابيك الائمة واضرحة الاولياء، وانتظار ظهور المهدي او الطاعون او غضب السماء.
كلمة الامريكي لاتسقط الى الارض. ولكي تبقى هذه الكلمة متعالية كان على امريكا ان تخسر 7000 من الجنود و المتعاقدين على ارض العراق، وتصرف من عرق وكدح مواطنيها 2 ترليون دولار.
هناك مايجمع العراقيين بالايرانيين ( حكومة وشعبا) هو نكران الجميل. لقد مات الخميني بحسرته وهو يتجرع السم بعد 8 سنوات من حرب طاحنة، وخسر الايرانيون والعراقيون مايقرب من مليون ضحية ( قتيل وجريح واسير ومعوق ومفقود) دون ان يحققوا شيئا. مات مؤسس العداء لامريكا بحسرته، كل مطلبه لايقاف الحرب هو معاقبة المعتدي ( هذه هي الفقرة الاولى من قانون تحرير العراق 1998). في 2003 تمت معاقبة المعتدي. عقلية البغل في طهران استمرت بلا خجل. بدل تقديم الشكر ، تم تهريب شعار ( مرگ بر امريكا - الموت لامريكا) الى العراق، وبكميات كافية، ليوضع على افواه الحفاة في مدينة الثورة والشعلة والبصرة، مع حفنة من العمائم وظيفتهم تعبئة الحفاة بالعداء لمن حررهم من العبودية والذل. اننا امام شيء مخزي حقا، نحتاج الى جيل كامل لمسح هذا الموقف العار.
قانون تحرير العراق هو رسالة حب بليغة من الشعب الامريكي الى العراقيين. شخصيا اراه نصا فائق الجمال، بل اجمل من كل المعلقات التي كتبناها خلال حكم صدام. هذا النمط من العطاء غير مألوف، ويتجاوز انماط تفكيرنا التقليدي. تعطيني هذه الوثيقة الحق بالقول ان العالم مازالت تحكمه قوى الخير، وان هناك من يحاسب المستهترين والطغاة والمجرمين. هذه الجوهرة الحضارية الفريدة هي التي تسحرني اكثر من اي شيء آخر. الوثيقة ليست رغبة لشخصية او مؤسسة، بل هي مبادرة من الشعب الامريكي ممثلا بالكونغرس. وعندما نتأمل ارقام التصويت في داخل الكونغرس الامريكي نجد ان نسبة الخير 90 في المئة. وهذه النسبة عالية تمثل قوة الخير داخل المجتمع الامريكي نفسه. واني هنا اتساءل:
ماذا لوطرح هذا المشروع على برلمانات اخرى في العالم؟
من سيحرز هذه النسبة؟
اني انتظر اليوم الذي تتحول فيه هذه الوثيقة الى جدارية وسط بغداد تشير الى انتقال العراق من الديكتاتورية الى الديمقراطية.
رابط الترجمة العربية للقانون: http://www.betnahrain.net/Arabic/Documents/IL1998.htm
....................

https://www.youtube.com/watch?v=GTybYsYiJ3E&feature=youtu.be&fbclid=IwAR3clDLqNmqCOV-4iZ6PJwB5uiwWFHNTW39HmKcVz_5_3fgI2R2fr7mRW4I

كان يفترض بالدول الخليجية بشكل خاص وبمقدمتها الكويت والسعودية والدول العربية بشكل عام وبمقدمتها الاردن ..كان يفترض بها تكريم الحشد الشعبي كقوة دفاع شعبية. وتكريم قادتها وصولا الى السيد ابو فدك ….لأن هذه القوة الشعبية الأحتياطية التي فجرتها فتوى المرجع الشيعي الاعلى السيد (علي السيستاني.. حفظه الله  )هي التي حمت وابقت الكويت والسعودية مثلما ابقت  على العراق وسوريا ..ولكن التقييم الاميركي الغربي الخليجي تقييم اعور وغير منصف !
#لماذا لا نحافظ على قادتنا :-
أنصح كل عراقي سواء كان ضد الحشد أو مع الحشد ان لا يضحي بأي عراقي وطني ومهما اختلف معه. ولا يضحي بالعناوين التي دافعت عن العراق والشعب في ساعات وايام المحن وان لا ينسوا دماء الشهداء  لأنها وانهم  ( ثروة وطنية ) 
فاياكم وتصديق شعارات امريكا والغرب والخليج. فإيران وعندما وضعت القطن في آذانها ومضت في التصميم والبناء والابداع  وعدم سماع شعارات واكاذيب آمريكا والغرب انظروا اين وصلت ايران …فها هي ايران قوة عظمى في الاقليم، ودولة مهمة في العالم !!!!.
#أسئلة أمام كل عراقي  :-
١-هل الولايات المتحدة وبريطانيا جارتان للعراق ؟ أم جاءتا من وراء البحار والمحيطات وقررتا غزو العراق خارج الشرعية الدولية وبكذبة اسلحة الدمار الشامل واحتلاله والبقاء به منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الساعة ؟ فهل هذه الدول تعشق الشعب العراقي أم انها دخلت بالاسلام أم هي تريد الاستفادة من خبرات العراقيين ؟ فقط حرك عقلك … وفقط كن شجاعا بمواجهة عقلك لكي تقوى وتكون عصي على من يريد سرقتك وسرقة وطنك ومستقبلك !
٢-فبأي حق وقانون بقاء هؤلاء في العراق كمحتلين ويمارسون مصادرة السيادة العراقية، ويرعون ويحمون شلة فاسدين يحكمون العراق وهم من المنتهكين  لحرية التعبير وحقوق الانسان وتدمير الاسرة العراقية ونشر الفوضى والمخدرات والجهل والخرافة    ؟ 
٣-فهل ان الذين فجروا ابراج امريكا في ١١ سبتمبر عراقيين ام سعوديين واماراتيين ومصريين ؟ اذن ماذنب العراق ليدمر ويحتل ويعاد الى عصر ما قبل الدولة وبالمقابل مصر والسعودية والامارات ينعمون بالسلام والبناء والحياة والاعمار   ؟ شغّل مخك ارجوك !
٤-طيب .. فعندما قرر مجلس النواب الاميركي قبل ايام الغاء تخويل البيت الابيض ( الرئيس) بشن الحرب ضد العراق دون موافقة الكونغرس واعادة قرار الحرب للكونغرس حصريا وهذا اعتراف بعدم شرعية الغزو والحرب واحتلال العراق !!. 
#اليس المفروض هناك سياقات اخلاقية وقانونية القيام بها وهي :-
١-اغلاق مكتب الامم المتحدة في العراق فورا ومغادرة ممثل الامين العام وجميع موظفيه وطواقمه ( يعني انهاء الوصاية الدولية والأممية على العراق ) تبعا لإلغاء القرار الذي ورد في النقطة (٤)
٢- بعد قرار مجلس النواب الاميركي بانهاء قرار الحرب غير الشرعي ضد العراق فيفترض بالولايات المتحدة ومن معها الانسحاب فوراً من العراق لأن وجودهم غير شرعي وغير اخلاقي منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الساعة …….ويثبت ان تصويت البرلمان العراقي على خروج القوات الاميركية والاجنبية من العراق قراراً صحيحاً وضمن سياقات القانون الدولي !
٣- بعد قرار مجلس النواب الاميركي هذا  والمشار له في النقطة (٤) وجبت المطالبة رسميا وقانونيا واخلاقيا ان تعتذر الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل خاص وبقية الدول التي شاركت بغزو العراق واحتلاله من الشعب العراقي وامام العالم لانهم ارتكبوا خطأ قانوني واخلاقي وعليهم التعويض !
٤- بعد قرار مجلس النواب الاميركي صار لزام قانوني واخلاقي ان يتم تعويض خسائر العراق جراء الغزو والاحتلال منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الساعة وضمن لجان دولية تعمل بصحبة النخب العراقية وليس بصحبة عملاء الاحتلال الذين دمروا العراق بتوصيات اميركية وبريطانية  ! 
٥- بعد تصويت مجلس النواب على ابطال قرار الغزو والحرب والاحتلال من قبل الرئيس الملعون والاسبق جورج بوش الابن 
=يجب ان يرفع الشعب العراقي وعبر المنظمات العالمية الحقوقية والمختصة بالنزاعات والحروب لمحاكمة جورج بوش الابن وتوني بلير وبقية رؤساء الحكومات والدول الذين قرروا الحرب والغزو !=ومحاكمتهم كمجرمي حرب  وحتى بعض الانظمة العربية والخليجية التي اشتركت في العدوان والغزو والاحتلال المطالبة بمحاكمة رؤساءها  !
٦- قانون مارشال عراقي :-
صار لزاماً الضغط على الولايات المتحدة والغرب واسناد هذا الضغط بمظاهرات مليونية في العراق للمطالبة باقرار ( قانون مارشال) لبناء واعمار العراق !!!
لأن من دمر العراق هي الولايات المتحدة وبريطانيا والدول المتحالفة معهم !( وهذه المرة راح يبيّن اصحاب المظاهرات المليونية هل هم مع العراق والشعب أم لا ) 
#وللحديث بقية 
سمير عبيد 
٢٥ حزيران ٢٠٢١

فاروق عبد الجبار البصري
‏١٨‏ ساعة  · 
.الإحتلال الصدامي للكويت
(قراءة  استقرائية مختلفة)
لا تكتمل الصورة بكل أبعادها، ولا يستقيم حديثا عن حدث كارثي مثل إحتلال العراق للكويت عام 1990 دون النبش والبحث في المقدمات والأسباب التي قد يراها البعض للوهلة الأولى أنها بعيدة عنه. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة : 
1- كل الإصدارات والدراسات والبحوث التي تناولت إسقاط النظام الملكي العراقي في 14 من تموز 1958، ستظل قاصرة وعوراء وعرجاء، لأنها لم تتناول دور الكويت الأساسي في إسقاط نوري السعيد (تحديدا) بوساطة عساكر (سليمي النية) لا يعي أي منهم أن هناك من مهد الطريق لهم وجعلها سالكة لإنجاح إنقلابهم قبل (ستة أيام فقط)، أكرر (ستة أيام فقط)، من إبرام إتفاقية ضم الكويت للإتحاد الهاشمي (الإتحاد الذي يضم العراق والاردن وعرشه في بغداد)، أي في 20 تموز 1958 !. 
2- أغلب الدراسات والبحوث التي تناولت إسقاط جمهورية عبد الكريم قاسم في شباط 1963، ظلت قاصرة وعوراء وعرجاء، لأنها لم تتناول دور الكويت الأساسي في ذلك الإنقلاب الدموي.
3- كل الدراسات والبحوث التي كتبت وتناولت موضوع إحتلال صدام للكويت ستظل قاصرة وعوراء وعرجاء، لأنها لم تتناول دور الكويت نفسها في إحتلال الكويت!.
سيظل السبب الأول والأخير وراء بقاء تاريخنا العربي – بشكل عام - قاصرا ومزيفا ومحرفا، هو أن مدونيه لم يتخلصوا من انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية والعقائدية وميولهم العاطفية، فيدافعون عن هذا النظام أو ذاك، وهذه الشخصية أو تلك، دون إحترام للأمانة التاريخية كالتي إتبعتها بقية الأمم في تدوين تاريخها وأحداثه. 
سنترك تفصيلات (المؤامرتين) الأوليتين، التي تسببت بإسقاط نوري السعيد وعبد الكريم قاسم، ونتحدث فقط عن الحقائق الخفية والأسباب والمقدمات التي دعت (آل صباح) لإستدراج صدام لإحتلال دولتهم!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأسئلة :
1- هل للكيان الصهيوني دور في دفع صدام لإحتلال الكويت؟
2- ما مصلحة (آل صباح) من إحتلال صدام لدولتهم؟ 
للإجابة على السؤال الأول، علينا العودة الى المقدمات والوقائع التاريخية – ويتطلب هذا صبرا من المتابعين - حتى يكون استقراءنا للأحداث مقبول منطقيا.
1- بعد أن أرسى الإحتلال الصهيوني قواعده عقب قرار التقسيم في العام 1949 وحصل على مباركة الأمم المتحدة واعتراف الدول الكبرى، تشكلت منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1964، ليعقبها تشكيل حركة فتح مطلع العام 1965 وإعلان الثورة الفلسطينية، وإنطلاق عملياتها الفدائية ضد الكيان الصهيوني.
أصبحت الضفة الغربية وغزة تشكل تهديدا يوميا وحقيقيا لهذا الكيان، وبدأت العمليات الفدائية تتصاعد يوم بعد يوم خصوصا بعد تلقيها الدعم الحربي والمالي والإعلامي من عدد من الدول العربية.
فكان ذلك أحد أهم الأسباب التي دفعت الكيان لشن عدوانه بعد سنتين (أي في العام 1967)، لتحتل الضفة الغربية وكامل التراب الفلسطيني لتدفع بجموع التشكيلات الفدائية ومعها عشرات الآلاف من الفلسطينيين خارج الأرض الفلسطينية.
فإلى أين إتجهت؟
2- كانت وجهتها (الدولة الهشة الأولى) المملكة الاردنية.
إستقرت الفصائل الفلسطينية هناك وأعادت تنظيم نفسها، وتلقت دعما متزايدا من الدول العربية عقب قرارات القمة العربية التي أعقبت هزيمة حزيران، وبدأت العمليات الفدائية تنطلق هذه المرة من الأراضي الأردنية وشكلت مجددا تهديدا لأمن الكيان الصهيوني.
يؤخذ على الثورة الفلسطينية – حالها حال معظم الثورات – انها تحمل مقتلها بداخلها، فكان سلوك وتهوّر عدد غير قليل من الفدائيين قد أثار قلق السلطات الأردنية، وبدت وكأن هذه الفصائل قد سيطرت على الشارع الأردني، بل وشكلت تهديدا حقيقيا للعرش الهاشمي. 
إزدادت شكاوى الأردنيين من الفصائل المسلحة، للحد الذي دفع الملك حسين للإتصال بجمال عبد الناصر فجرا وإيقاضه من النوم ليخبره أن أحد الفدائيين قد فتح النار على مواطنين أمام أحد المخابز!، وأن الكيل قد طفح!.
فإلتقت هنا المصلحة الأردنية مع المصلحة الإسرائيلية ووقعت أحداث ما سمي بأيلول الأسود عام 1970، أي بعد ثلاث سنوات فقط من التهجير الأول، وتم إخراج كامل الفصائل الفلسطينية المسلحة ومعها الآلاف من الفلسطينيين من الأردن.
فإلى أين إتجهت الفصائل هذه المرة؟
3- كانت وجهتها لبنان (الدولة الهشة الثانية)، البلد الذي يصح تسميته بـ (الحَمل الوديع)، الذي كان لغاية ذلك الوقت مستقرأ (للحد المقنع) سياسيا وإقتصاديا وأمنيا، ومقتنعا لسنين غير قليلة بتوزيع السلطات توافقيا بين مكونات شعبه وإثنياته..
إستقرت الفصائل الفلسطينية في الاراضي اللبنانية وأعادت تنظيم نفسها مرة أخرى، وبدأ الوجود الفلسطيني يتنامى في لبنان، وبدأت من هناك تشن عملياتها ضد دولة الإحتلال، وتعددت العمليات الفدائية والإشتباكات المسلحة بين الطرفين الفلسطيني والصهيوني، وكان لابد لهذه الاشتباكات ان تلحق الضرر بالعديد من القرى اللبنانية الجنوبية، وعندما حاولت بعض الجهات اللبنانية الإعتراض على إستخدام أراضيها كمنطلق للعمليات الفدائية، إنقسم اللبنانيون بين معارضين (تتقدمهم الاحزاب المسيحية ومن تحالف معهم) وبين مؤيدين (تتقدمهم الاحزاب التي يطلق عليها عادة التقدمية)، فجاء القرار الفصل من القمة العربية ليؤكد على شرعية المقاومة والوجود الفلسطيني في لبنان، ومع تصاعد التوتر بين الفرقاء اللبنانيين، تفجرت الحرب الأهلية بين الفرقاء اللبنانيين عام 1975، وكانت الفصائل الفلسطينية طرفا أساسيا فيها.
لم تنتظر إسرائيل طويلا، فشنت حربها على لبنان عام 1982 وإكتسحت الأراضي اللبنانية ودخلت العاصمة بيروت، ولم تتوقف الا بعد هدنة فرضت على الفصائل الفلسطينية وأعداد هائلة من اللاجئين الخروج من لبنان.
فإلى أين إتجهت هذه المرة؟
4- إتجهت القيادات الفلسطينية الى (الدولة الهشة الرابعة) تونس، فيما كانت وجهة عشرات الآلاف من الفلسطينيين دولة الكويت (الدولة الهشة الخامسة)!.
تنامى الوجود الفلسطيني في الكويت بشكل متسارع، مستفيدين من دعم بعض الجهات السياسية الكويتية في مقدمتها حركة القوميين العرب والاخوان المسلمين، وظهر نفوذه واضحا على عدد من القطاعات الحيوية، في مقدمتها الإعلام والسوق التجارية!، حتى أصبح تعدادهم مع المقيمين العرب يفوق عدد سكان الكويت!.
كان بإمكان أي زائر للكويت إكتشاف مثل هذا الانتشار وهذا النفوذ، وقد عبر احد الاصدقاء عن ذلك بالقول (تبدو الصحف الكويتية البارزة كـ (القبس والسياسة والوطن والراي العام)، لأي قارئ غير كويتي وللوهلة الاولى أنها صحف فلسطينية!.
كانت الحرب العراقية الإيرانية في ذروتها، ووجدت الحكومة الكويتية نفسها عاجزة عن السيطرة على الشارع الكويتي، فبالإضافة الى مئات الآلاف من الفلسطينيين المؤيدين للعراق في حربه مع إيران، كان هناك أكثر من 11 ألف عراقي مقيم في الكويت، ولمعظمهم نشاط تعبوي مرتبط بالسفارة العراقية في الكويت، وقد وقعت حوادث وصدامات غير قليلة بين المقيمين وبين أطراف كويتية لها موقف مخالف من هذه الحرب، وهناك أمثلة كثيرة لا مجال لذكرها، ووصلت حد إتصال الشيخ نواف الأحمد وزير الداخلية (آنذاك) ببرزان التكريتي يرجوه فيها أن يمارس الضغط على الجالية العراقية في الكويت لكي يهدّئوا من انفعالاتهم المتصاعدة.
(لم تواجه الاسرة الحاكمة في الكويت خطرا يهدد وجودها وينذر بنهايتها، كالذي عاشته في تلك الفترة)!.
وفرض هذا الواقع على الأسرة الحاكمة اللجوء الى أصدقائها التقليديين في الغرب لتلقي العون والمشورة لمواجهة هذا المأزق.
ونقول اليوم (إستقراءً) ربما تلقى آل صباح نصائح وتوجيهات ظهرت بوادرها الأولى عام 1986، عندما أوقفت الكويت الدعم المالي للعراق في تلك الحرب.
في حديث لصدام حسين مع قياداته بث تلفزيونيا عقب إحتلال الكويت، كشف فيه كيف أنه اضطر بسبب اشتداد الأزمة المالية عقب احتلال ايران لشبه جزيرة الفاو، لان يوفد طه ياسين رمضان الى الكويت من اجل الحصول على قرض مالي، وقال بالنص:
(إتصل بي الرفيق طه من الكويت وأخبرني انه لم يحصل من آل صباح إلا على عشرين مليون دولار، وأنه ينوي رفضها!، فقلت له، لا، لا ترفضها، إستلمها وتعال بيها، والرفيق طه يعلم ومعه كل الأخوة في القيادة، اننا ننفق منذ اندلاع الحرب عشرين مليون دولار في اليوم الواحد، ويبدو ان آل صباح يعلمون بذلك، ولهذا حددوا هذا الرقم، يعني يساعدونا بمصروف يوم واحد)!. 
كانت خطوة آل صباح الثانية تعاقدها مع احدى شركات الإستخراج الاميركية لسحب النفط العراقي افقيا من حقل الرميلة الجنوبي!، ثم إغراق السوق بالنفط متسببة بهبوط أسعاره.
وفي حديث آخر لصدام قال:
(كنا نتوقع أن تحدث أزمة في سوق النفط، وترتفع وتتضاعف الاسعار، بسبب اشتعال الحرب بين دولتين نفطيتين مهمتين، لكن الغريب ان ما حدث هو العكس، فالأسعار كانت تهبط بشكل منظم سنة بعد سنة، ثم شهر بعد شهر)!.
وجاءت الخطوة الثالثة بقضم الاراضي العراقية (ومعظمها كانت زراعية) من مقتربات صفوان بإتجاه خور الزبير!، وما زال المزارعون البصريون يتذكرون ذلك، ويتحدثوا عن كيف كان الكويتيون يستولون ويتمددون على الأرض العراقية يوم بعد يوم دون ان يجدوا لهم مجيرا في دوائر محافظة البصرة ذات العلاقة.
كان لابد من التفاهم مع الجانب السعودي (عرّاب الخليج إن صح الوصف)!، لإيقاف هذا السلوك الكويتي المتعمد، وحضر الى بغداد وزير النفط السعودي هشام الناظر وشاطر صدام الرأي في وجود أزمة تضررت منها المملكة ايضا.
لنقف هنا عند أهم (تحالف) وتفاهم وإلتقاء مصالح بين السعودية والعراق، فقد تعددت اللقاءات والاتصالات بين صدام والملك فهد، اضافة الى الزيارات المكوكية التي قام بها وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ووزير البترول هشام الناظر، حتى ان صدام قال وهو يستقبل الناظر:
(الناس حاسدينا على علاقتنا، لازم اندك على الخشب).
كان من الطبيعي ان تتوجس الكويت من التقارب العراقي السعودي، فعلاقتها بالدولتين كانت تخفي دائما خلافات تاريخية، فخلافاتها القديمة الحديثة مع العراق معروفة، أما خلافاتها مع السعودية فتمتد الى ما يقرب من مائة عام، منذ ان كانت عائلة آل سعود لاجئين في الكويت، الذين لم ينسوا ما لاقوه من عسف وسوء معاملة من آل صباح!.
وبعد نجاح عبد العزيز آل سعود في احتلال شبه الجزيرة مجددا، وإسترجاع مُلك آبائه من آل الرشيد، وبعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، أستمات عبد العزيز من أجل إقناع المندوب السامي البريطاني إلبرسي كوكس لضم جزء كبير من أراضي الكويت لمملكته، بل ووصلت حد (بكائه) أمامه بعد ان رفض كوكس طلبه. 
فيما ظل النزاع السعودي الكويتي قائما حول الحقول النفطية في منطقة (الوفرة) الحدودية منذ عقود زمنية غير قليلة.
وقد توقع البعض يومها أن صدام قد تعلم هذه المرة (لعبة) السياسة، وترك البداوة والرعونة خلفه، خصوصا بعد خروجه من مغامرة ومحرقة إمتدت لثمان سنوات، وأنه سيستغل الخلاف السعودي الكويتي لصالح العراق، وربما سيحصل على ضمانات أميركية بوساطة العاهل السعودي للقيام بعمليات عسكرية محدودة يسترجع فيها عشرات الكيلومترات من الأراضي البرية الحدودية، وخصوصا المتاخمة منها لحقل الرميلة الجنوبي، إضافة الى ضم جزيرتي (وربة وبوبيان)، اللتان ستوفران للعراق عشرات الأميال البحرية من المياه الإقليمية ليتحول العراق الى دولة خليجية حقيقية!، كمكافأة له عن حربه مع ايران!.
لا ننسى ان نضيف الى ذلك، ان عملية إضعاف الكويت ومحاصرته أحد أهداف السياسة السعودية الاستراتيجية، فبالإضافة الى الخلافات التي ذكرناها، فان الكويت تعتبر مصدر إزعاج للعوائل الحاكمة في الخليج بشكل عام منذ منتصف الستينيات بسبب نظامها الدستوري ونموذجها الديمقراطي وهامش الحرية الواضح الذي قد يحفز شعوب هذه الدول للمطالبة بنموذج مشابه.
ومن استقراءنا لما حدث بعد ذلك، يبدو أن آل صباح قد أدركوا المأزق الذي ينتظرهم، أو ان جهات لها مصلحتها في اشعار الكويت بذلك، وهذا ما أضاف لآل صباح رعبا جديدا يضاف الى أزمته الداخلية المنذرة بالخطر، وان عليها البحث بسرعة عن حجر واحد يسقط فيه هذه العصافير!، أولها ردع صدام وضرب الجيش العراقي وانهاء قدراته، وثانيهما طرد المقيمين الفلسطينيين من الكويت الذي تجاوز عددهم الان 450 الف فلسطيني ومعهم ما يقرب من 20 الف عراقي وأردني ويمني أغلبهم متعاطفون مع العراق، وثالثها فرض ترسيم جديد للحدود تتوسع فيه برا وبحراً!. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  
عودٌ على بدء :    
لنعد مجددا للصراع الفلسطيني االصهيوني، حتى نعثر على النقطة التي إلتقت فيها المصالح الإسرائيلية والكويتية.
في نهاية العام 1987 إنتفض ما يقرب من نصف مليون فلسطيني فيما عرفت بثورة الحجارة، كانت ثورة من نمط جديد لها عنفوانها، حركت المياه الراكدة في الداخل الفلسطيني، ولاقت صدى إعلاميا عالميا وتعاطفا دوليا كبيرا، وضعت الإدارة الصهيونية في حرج غير مسبوق أمام الرأي العام العالمي. 
كانت دولة الاحتلال إبتداءً قد راهنت على عامل الوقت، الذي ستتلاشى معه فَوْرة شبابها ويخمد أوارها، لكن المفاجأة ان هذه الثورة كانت تتسع وتتعاظم يوم بعد يوم!.
فمن يموّل هذه الثورة ومن يمنحها ديمومتها؟ ومن يوفر للمشتركين فيها أرزاقهم وقد تركوا اعمالهم ومصادر معيشتهم؟ 
لم تنتظر الادارة الصهيونية طويلا، فقد إكتشفت ان (الحنفية) المالية مصدرها الكويت. 
كانت جميع الصحف الكويتية بدون إستثناء تنشر يوميا أرقام حسابات وعناوين صناديق للتبرع، ناهيك عن ان نصف صفحاتها أصبحت وقفا لنشر أخبار الثورة وتفاصيلها.
بدأت دولة الاحتلال منذ ذلك الوقت تخطط لتقويض الوجود الفلسطيني في الكويت الذي شكل وسيشكل دائما دعما لوجستيا لكل انتفاضات الداخل الفلسطيني.
وربما سألت الإدارة الصهيونية نفسها السؤال التالي:
(إذا كنا قد نجحنا – بالقوة العسكرية - في ضرب وتهجير الفلسطينيين وفصائلهم المسلحة، ما أسمته يومها بـ (عش الدبابير) من الضفة الغربية، ثم مساعدة العاهل الاردني على ضربها وإخراجها من الأردن، ثم ضربها وإخراجها من لبنان، فمن هي القوة البديلة التي ستضرب وتخرج وتشتت لنا عش الدبابير من الكويت؟
عند هذه النقطة إلتقت مصالح وأهداف آل صباح
 بمصالح وأهداف الكيان الصهيوني!.
فمصلحة آل صباح بالتخلص من النفوذ الفلسطيني المتعاظم في الكويت، والذي سيتحول في أية لحظة وبكبسة زر من صدام الى مصدر تهديد حقيقي يقض مضجع الاسرة الحاكمة. 
(وكان هذا هو رد برزان التكريتي عندما أخبره صدام بنيته احتلال الكويت، مشيرا عليه بعدم استخدام الجيش، ورافضا الاحتلال بالقوة العسكرية الخارجية، ومصرا على ان لديه (جيش) من العراقيين والفلسطينيين والأردنيين المقيمين في الكويت، بإمكانهم تفجير الوضع السياسي من الداخل)!.
نضيف الى ما تقدم أن هناك هدف مهم وخطير عند الطرفين، هو تدمير الآلة العسكرية العراقية، خصوصا وان إسرائيل تضمر لها ثأرا يعود الى معارك العام 1948!.
ولأن الصهاينة كانوا دائما ضالعين ومهتمين بالعلوم النفسانية أكثر من غيرهم، وكانوا دائمو الدأب على دراسة وتحليل وفهم الشخصيات الحاكمة في الأوطان العربية، فلم يجدوا صعوبة في فهم من هو صدام وكيف يفكر وكيف يتخذ قراراته وحجم الحنق والحمق والنزعات البدوية التي تشكلت منها شخصيته.
فكانت أولى التحركات هي تسريب تسجيل صوتي للملك فهد ينتقد فيه صدام!، وقيل ان جهاز الموساد كان وراء ذلك، وكان هذا وحده كافيا لإشعال غضب صدام ودفعه الى التهور، وضرب كل التفاهمات مع الجانب السعودي عرض الحائط!.
أعقب ذلك سلسلة من التحركات والإشارات و(التطمينات الغامضة) لدفع صدام لشن الحرب ودخول الكويت عسكريا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخلاصة:
يكفي هنا ان نقف عند تصريح مهم وخطير أدلى به فاروق قدومي وكان يومها رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية، عقب أسابيع من إنهاء الاحتلال الصدامي للكويت، وكان بإمكان أي متابع أو باحث في الشأن السياسي ممن تناول موضوع احتلال صدام للكويت، أن يؤسس عليه ويستقرئ في ضوئه الكثير من خفايا وتفاصيل ذلك الاحتلال وأسبابه ومن وقف ورائه.
يقول قدومي : 
(الكل تحدث عن إحتلال صدام للكويت، دون ان يلتفتوا الى مخرجات هذا الاحتلال، لقد قُصِم ظهر الثورة الفلسطينية، نحن الفلسطينيون كنا الهدف الاساس من دخول صدام للكويت، هناك من جر صدام لهذه الحرب ليبرر طرد 450 الف فلسطيني من الكويت، ولولا ذلك لما كنا اليوم في أوسلو نسدل الستار على الثورة الفلسطينية، وصدام في هذه الحرب لم يكن اكثر من أداة لهذا المخطط.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخاتمة :
ما تليَ ذلك معروف ومتداول. 
نفذ صدام حربه (الشخصية الثانية)، وكانت نتائجها على العراق كدولة وعلى شعب العراق المغلوب على أمره منذ العام 1968كارثية بكل ما تعنيه هذه الكلمة. 
أما مخرجات ذلك الاحتلال وفوائده التي حققها آل صباح فكانت (مجزية) جدا :
1- انهاء القدرات العسكرية العراقية وشلّها. (الهدف المشترك بينها وبين الكيان الصهيوني).
2- طرد جميع الفلسطينيين من الكويت. (الهدف المشترك بينها وبين الكيان الصهيوني).
3- طرد بقية المقيمين من العراقيين والاردنيين.
4- بسط نفوذها مجددا على الشعب الكويتي بعد أن كان هذا النفوذ على وشك الانهيار.
5- الحصول على مساحات جديدة إقتطعت من خارطة العراق البرية والبحرية.
6- الحصول على تعويضات مضاعفة فاقت التصور والتوقع.
7 - فرض حصار إقتصادي غير مسبوق على الشعب العراق، ما زالت آثاره قائمة لحد الآن، إذا ما عرفنا ان هذه الآثار لا تقتصر على الجانب الإقتصادي والسياسي كما يتصور البعض، فالإقتصاد والسياسة عاملان قابلان للإصلاح مهما كانت أضرارهما، لكن الكارثة الحقيقية التي ستظل آثارها السلبية قائمة لعقود زمنية تالية، هي انهيار البناء الاجتماعي للمجتمع العراقي!، ومن الصعب جدا إعماره وإصلاحه في المستقبل المنظور، خصوصا وان بدايات هذا الانهيار والإنحلال تعود الى مطلع الثمانينيات، وما جرى بعد تلك الحرب هو سقوطه بالكامل، ويشمل هذا البناء كامل المشاعر والأخلاق والطباع والميول والسلوك التي تتشكل منها الشخصية الانسانية.


https://www.facebook.com/profile.php?id=100005050842393&comment_id=Y29tbWVudDoyMDEwMTc3OTI5MTQ3MzI1XzIwMTAzMDE1NTkxMzQ5NjI%3D